فقالوا: لم بكيت فقلت: كلا ... وهل يبكي من الطرب الجليد
ولكني أصاب سواء عيني ... عويد بدا له طرف حديد
فقالوا: ما لدمعها سواد ... أكلتا مقلتيك أصاب عود
والتشبيه يقع كثيرًا بالخط الجيد الحسن، أما الخط الرديء فحكايته صعبة ممتنعة.
وحدثني يحيى بن البحتري قال: حدثنا أبي عن ابن الترجمان - وكان الواثق أنفذه إلى ملك الروم بهدايا - قال: وافقت لهم عيدًا فرأيتهم قد علقوا على باب بيعتهم كتبًا بالعربية منشورة، فسألت عنها، فقيل: هذه كتب المأمون بخط أحمد بن أبي خالد الأحول استحسنوا صوره وتقديره فجعلوا هكذا. فحدثت أنا بهذا الحديث، أبا عبيد الله محمد بن داود بن الجراح، فقال لي: هذا حق قد كتب سليمان بن وهب كتابًا إلى ملك الروم، في أيام المعتمد، فقال: ما رأيت للعرب شيئًا أحسن من هذا الشكل! وما أحسدهم على شيء حسدي إياهم عليه. والطاغية لا يقرأ الخط العربي، وإنما راقه باعتداله وهندسته وحسن موقعه ومراتبه.
ووصف أحمد بن إسماعيل خطًا حسنًا فقال: " لو كان نباتًا لكان زهرًا. ولو كان معدنًا لكان تبرًا. أو مذاقًا لكان حلوًا. أو شرابًا لكان صفوًا ". وقالوا: " القلم قسيم الحكمة ".
وقال أفلاطون: " الخط عقال العقل ". وقال أرسطاطاليس: " القلم العلة الفاعلة. والمداد العلة الهيولانية. والخط العلة الصورية. والبلاغة العلة النامية ". وقال بعض الملوك اليونانية " أمر الدين والدنيا تحت شيئين: قلم وسيف، والسيف تحت القلم ".
1 / 45