قال: أفتحب اللبن؟ قال: لقت استحييت مما رضعت من ثدي أمي. فقال: أفتحب السويق؟ قال: شراب المسافر العجلان ولست منه. قال: فما تقول في الخمر؟ قال: تلك صديقة روحي قال: فضمه إليه، وقال: لا جرم وأنت صديق روحي. وقال له يومًا: أي المواضع أحب إليك أن تشرب عليه؟ قال فقال: إني لأجب ممن لم تحرقه الشمس ولم يؤذه المطر كيف يشرب على شيء غير وجه السماء.
ولم يزل حماد مع محمد، ومن شعره يمدحه، وغنى له فيه حكم الوادي المغني - وهو حكم بن يحيى بن ميمون، وميمون كان حجامًا للوليد بن عبد الملك فأعتقه وإنما قيل له حكم الوادي لأنه كان يخدم عمر الوادي، وهو عمر بن داود مولى عمر بن عثمان بن عفان، ويأخذ عنه الغناء، وكان عمر من أهل وادي القرى:
أرجوك بعد أبي العباس إذ بانا ... يا كرم الناس أعراقًا وعيدانا
فأنت أكرم من يمشي على قدمٍ ... وأنظر الناس عند المحل أغصانا
لو مج عودٌ على قوم غضارته ... لمج عودك فينا المسك وألبانا
فأظهر محمد أنه يعشق زينب بنت سلمان بن عبد الله بن العباس وكان يركب إلى المربد كثيرًا يتصدى لها ويطمع في النظر إليها. وقال لحماد فصنع على لسن محمد:
يا ساكن المربد هيجت لي ... شوقًا فما أنفك بالمربد
سوف أوافي جفرتي عاجلًا ... يا منيتي إن أنت لم تسعدي
وعما له أيضًا - وقد قيل: إنه لمحمد نفسه:
زينب ما ذنبي وما ... الذي غضبتم فيه، ولم تغضبوا؟
والله ما أعرف لي عندكم ... ذنبًا، ففيما العتب يا زينب؟
ومن شعر محمد بن العباس نفسه لم يعنه عليه أحد، أنشده المدائني:
1 / 68