وقد قال غيره من المحدثين:
وبالحيرة لي يوم ... ويوم بالأكيراح
إذا ما عزنا الماء ... مزجنا الراحَ بالراحِ
وقد قال حماد عجرد لمحمد بن أبي العباس السفاح نحوًا من هذا القول، وكان استناده لما ولي الكوفة، وذاك أن أبا جعفر كان أنفذه واليًا عليها بعد قتل إبراهيم بن حسن ﵏ قالوا فوافاه في أشد القيظ، ولقد لط لحيته بالغالية حتى كأنه خضاب، وصعد المنبر فخطب، ولحيته تقطر على قبائه فسماه أهل البصرة لذلك أبا الدبس فلزمه هذا اللقب حتى هلك، وكان أبو جعفر لما ولاه أنفذ معه الزنادقة والمجان ليلهو ببعضهم، وليبغضه إلى الناس، وكان معه في جملتهم حماد عجرد وهو حماد بن عمر بن يونس أبن كليب مولي بني سواءة بن عامر بن صعصعصة وإنما سمي عجردًا لأنه نزع ثيابه فرآه بدوي فقال: تعجردت يا غلام، العجرد العريان، والعجرد الشديد الغليظ، والعجرد الذهب في غير هذا الموضع، وكان حماد يذكر بترسلٍ وبيان مع شعره، وقد أرتسم بالصناعة، وكتب لجماعة من رؤساء الدولة العباسية، وقد سمي بعجرد قبله، قال الخليل بن أحمد: كان في ربيعة رجل يقال له عجرد، نازع رجلًا في موازنة فوجأه بجمع كفه فقضى عليه، فأخذت عاقلته ديته، وقال شاعرهم:
يا قوم من يعذر من عجرد ... القاتل المرء على الدانق
لما رأى ميزانه شائلًا ... وجاه بين الأذن والعاتق
فخر من واجأته ميتًا ... كأنما دهده من حالق
فبعض هذا الوجء يا عجرد ... ماذا على قومك بالرافق؟
فقال محمد يومًا لحماد: أتحب من الأشربات الماء؟ قال: يشكرني فيه الحمار والبعير
1 / 67