ورجت باحة العربات رجًا ... ترقرق في مناكبها الدماء
وقولهم: ما بالدار عريب من هذا، كأنهم قالوا: ما بها قوم من العرب وعريب جمع عارب، كعزيب جمع عازب، ويجوز أن يكون عريب اسمًا واحدًا غير جمع، ويكون بمعنى معربٍ، كما يقال: نذير بمعنى منذر، فكأنهم قالوا: ما بالدار أحد يعرب ولا يصفح، كما يقال: ما بها داع ولا مجيب.
وأما عريب بن زيد بن كهلان وغيره ممن اسمه عريب على فعيل فيجوز فيه الوجهان جميعًا. ويحوز أن يكون جمعًا سمي به رجل مثل كلاب وسباع، ويكون واحدًا، وقد يستعملون عربًا أيضًا بالتنكير، لأنهم يقولون: ما بهذا الدار عرب، كما يقولون: ما بها ناس، أو: ما بها أحد، وما نزل هذا الموضع عرب، كما يقولون: ما نزل هذا الموضع ناس.
وقال عمرو بن معاوية بن المنتفق بن عامر بن عقيل - وقيل أن بين المنتفق وبين معاوية أبا آخر والله أعلم:
تهادي قريش في دمشق لطيمتي ... وتترك أصحابي، وما ذاك بالعدل
فإني على هول الجنان لنازل ... منازل لم تنزل بها عرب قبلي
في أبيات يخاطب بها معاوية بن أبي سفيان، وكان صاحب الصوائف له غير مرة. وولاه أرمينة وأذربيجان، وولاه الاهواز، ثم غضب عليه وأغرمه. وكنا أغفلنا في صدر الكلام تفسير جزيرة العرب وحدودها عند ذكرنا عربة خوفًا من تفرط نظام القول وتكدير مهنإ الفائدة، ونحن نذكره، ونبين اختلاف أهل العلم فيه، ونبدأ بقول أبي جعفر محمد بن حبيب مولى بني هاشم والذي بلغنا عنه أن جزيرة العرب خمسة أقسام، وهي الحجاز وتهامة ونجد والعروض واليمن، قال: وذلك أن جبل السراة - وهو أعظم جبال العرب - أقبل من قعر اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام، فسمت العرب سراته
1 / 93