بها مكتوبا: حضر المؤمل بن جعفر البندنيجي في شهر رمضان من سنة سبع وعشرين وثلاث مئة وهو يقول: كنا نسمع أهل العلم يقولون: فقد الأحبة في الأوطان غربة، فكيف إذا اجتمعت الغربةوفقد الأحبة. وجملة الأمر أن الذي عرفته من حال الدنيا أنه لا يفي فرحها بترحها، فقلت:
يا من على الدنيا يجاذب وعلى زخارفها يغاضب
لا تطلبن وصالها ليست لصاحبها بصاحب
بينا تراها عنده إذ فارقته ولم تراقب
إني خبرت حديثها يا صاح من طول التجارب
وإذا تحته مكتوب بغير ذلك الخط:
صدقت صدقت وعندي الخبر سأحذر منها ركوب الخطر
وأحمل نفسي على حالة فإما انتفاع وإما ضرر
وكنت بجامع الرصافة في مدينة السلام يوم جمعة، وأظن ذلك في سنة إحدى أو اثنتين وخمسين
وثلاث مئة. فمرت بي رقعة قد حذف بها، كما تفعل العامة برقاع الدعاء. فأخذتها غير معتمد، فإذا
فيها بخط مليح في معنى خطوط الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
رحم الله من دعا لغريب مدنف قد جفاه كل حبيب
ورماه الزمان من كل قطر فهو لا شك ميت عن قريب
وحدثني شيخ لنا قال: قرأت على حائط مقبرة سيبويه مكتوبا:
رحل الأحبة بعد طول توجع ونأى المزار فأسلموك وأوجعواتركوك أوحش ما يكون بقفرة لم يؤنسوك، وكربة لم يدفعوا
وقرأت على حائط مسجد الجامع بدسكرة الملك: حضر فلان بن فلان الصروي في سنة ثلاث
وخمسين وثلاث مئة وهو يقول:
سقى الله أيام التواصل غيثه ورد إلى الأوطان كل غريب
فلا خير في دنيا بغير تواصل ولا خير في عيش بغير حبيب
وخرجت أنا وأبو الفتح أحمد بن إبراهيم بن علي بن عيسى رحمه الله، ماضيين إلى دير الثعالب،
في يوم من سنة خمس وخمسين وثلاث مئة للنزهة ومشاهدة اجتماع النصارى هناك، والشرب على
Shafi 6