شريدا طريدا قليل العزا ء سحيق المحل بعيد الوطن فاستطرقنا أن تكون الغربة بلغت إنسانا إلى ذلك المكان. ثم درنا حول السور نطلب الباب، وإذا هو
قد خفي علينا من نسج الرياح عليه الغبرة والقتام، ثم بان لنا، فلم نزل نكشف عنه حتى ظهر قفله
وعتبته، وإذا هما مصراعان من جزع عليهما قفل ذهب عظيم، وإذا على الباب مكتوب:
قد بنينا وسوف نفنى ويبقى ما بنينا من بعدنا أزمانا
ليس يبقى على الزمان سوى الله الذي لا نراه، وهو يرانا
فعجبنا من الشعر أيضا. ولم نزل نعمل الحيلة في القفل حتى فششناه وفتحنا المصراعين، فحين فعلنا
ذلك سمعنا صيحة عظيمة هالتنا من داخل القصر، وجلبة أفزعتنا، ودويا حيرنا. فتوقفنا عن الدخول. ثم علمنا أن ذلك من عمل الجن. ثم رجعنا إلى صفة المطلب فوجدناها تدل على أن فيه طلسما مخوفا
عظيم الشأن، فعلمنا أن الأمر من جهته. فدخلنا فإذا أبنية قديمة عظيمة، وآثار مهولة، وحيات أزلية.
فتوقفنا، ثم لم نزل نتسلل إلى أن وصلنا إلى صحن في صدره قبة عظيمة عالية من صخر، يكون
داخلها ثلاثين ذراعا في مثلها، في صدرها سرير من ذهب، عليه شخص ميت، حزرنا طوله خمسة
عشر ذراعا. وإذا في وسط القبة شخص ماثل من نحاس، تام القامة بعينين تدوران في رأسه، قبيح
المنظر، وحركات في أطرافه، لا يشك من يراه أنه حيوان. وإذا الصيحة من جهته، والدوي من تلك
البقعة. وفي يده سيف مشهر لم نر أتم منه، وهو رافع بيده لا يعمل شيئا إلا أن يحرك عينيه، ويلتفت
رأسه كالحذر. حتى إذا وضع أحدنا رجله على أرض القبة في سائر أقطارها، أدارها كأسرع ما تدور
رحى الماء، وضرب بالسيف يمنة وشمالا وتجاها ووراء كما يفعل اللاعب بالمخراق، ضربا أسرع
Shafi 22