وقد جعل منه ابن حجر استعانة النبي ﷺ بالمغيرة في صبّ الماء عليه لأجل الوضوء. وصبّ عليه أيضًا أسامة بن زيد (١)، وجعل بعضهم منه الاقتصار في الوضوء على مرة مرة، أو مرتين مرتين. وهو المكروه الذي بمعنى خلاف الأولى. وكل ذلك ليبين جوازه وإجزاءه. وجعل منه الحنفية وضوءه ﷺ بسؤر الهرة.
والشاطبي جعل في جواز فعل المكروه للبيان شرطًا: هو أن لا يكثر الفعل المكروه، ولا يواظب عليه، لأن ذلك يفضي إلى إيهام إباحته أو استحبابه أو وجوبه، فينقلب حكمه عند من لا يعلم. قال: "ولا سيما المكروهات التي هي عرضة لأن تتخذ سننًا، وذلك المكروهات المفعولة في المساجد، وفي مواطن الاجتماعات الإسلامية والمحاضر الجمهورية" (٢). وهو تقييد حسن.
وقيد أيضًا بأنه ﷺ يقتصر على القدر الذي يحصل به البيان، فلا يتعداه. قال: "إذا ترجح بيان المكروه بالفعل، تعيّن الفعل على أقل ما يمكن وأقربه" (٣).
وموضع بيان المكروه بفعله هو أن يكون مظنة لاعتقاد تحريمه. ولذلك يكون بيانه بفعله أبلغ من بيانه بالقول. وقد تقدمت الإشارة إلى هذا المعنى.
(١) صحيح البخاري. انظر فتح الباري ١/ ٢٨٥
(٢) الموافقات ٣/ ٣٣٢
(٣) الموافقات ٣/ ٣٢٠