274

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Editsa

علي الرضا الحسيني

Mai Buga Littafi

دار النوادر

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1431 AH

Inda aka buga

سوريا

Nau'ikan

إلا من امتهن نفسه، ولم يبال أن يُدْبر بها عن طريق السعادة إلى طريق الخيبة والشقاء.
﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾:
﴿اصْطَفَيْنَاهُ﴾: اخترناه للرسالة، وعرَّفناه الملة التي هي أقوم طريق موصل إلى دار السلام. و﴿الصَّالِحِينَ﴾: من الصلاح، وهو الاستقامة طى الطريقة المثلى. وهذا بيان لخطأ من يرغب عن ملة إبراهيم، حيث أعرض عن اتِّباع من جمع الله له الكرامة في الدنيا إلى الكرامة في الآخرة، فكأنه يقول: من اصطفاه الله في الدنيا بالرسالة، وكان مشهودًا له في الآخرة بالاستقامة، حقيق بأن تُتبع ملته، ويقتدى بهديه.
ويراد من ذكر الشهادة له بالصلاح في الآخرة: ما تقضيه هذه الشهادة من رفعة المقام وسعة الإكرام.
﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾:
هذا بيان لكمال استقامة إبراهيم التي رفعته عند الله المنزلة العليا، وجعلت ملته حقيقة بأن يرغب فيها، ذلك أن الله أمره بطاعته، وإسلام وجهه إليه في كل حال، فبادر إلى الامتثال، وقال:
﴿أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾:
وكان مقتضى قوله: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ﴾ أن يجري الكلام على طريقة التكلم، فيقال: "إذ قلنا له"، ولكنه وقع العدول عن هذا الطريق إلى إسناد القول إلى الاسم الظاهر مضافًا إلى ضمير إبراهيم، فقال: ﴿قَالَ لَهُ رَبُّهُ﴾؛ لإظهار مزيد اللطف به، والعناية بتربيته، كما أن إبراهيم قال: ﴿أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، ولم يقل: أسلمت لك؛ ليذْكر الله بما يدل على عظم شأنه، ويشير

1 / 240