245

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Nau'ikan

التفرقة: جعل شيء مفارقا لآخر. و {أحد} يستعمل بمعنى واحد، كما جاء في قوله تعالى: {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1]. ويطلق على ما يصلح أن يخاطب، واحدا كان أو مثنى أو مجموعا، وإذا أضيف إليه كلمة (بين)، كان المراد به: جمعا من الجنس الذي يدل عليه الكلام. وإنما # كان المراد به جمعا؛ لأن (بين) لا تدخل إلا على متعدد، والجنس الذي يدل عليه الكلام في الآية هو جنس النبيين، فالمراد به: جماعة منهم. والمعنى: لا نفرق بين جماعة من النبيين، فنؤمن ببعضهم، ونكفر ببعض؛ كما فعل اليهود إذ كفروا بعيسى ومحمد، وكما فعل النصارى إذ كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، بل نؤمن بهم جميعا. والإيمان بما أنزل إلى الرسول يستلزم الإيمان بهم جميعا.

{ونحن له مسلمون}:

الإسلام: الخضوع بالطاعة والانقياد للأمر والنهي. والضمير في قوله: {له} عائد إلى الله تعالى. والجملة مندرجة تحت قوله تعالى: {قالوا}. والمعنى: قولوا: آمنا بالله، وقولوا: نحن له مسلمون. فتكون الآية مبتدأة بالإيمان الذي هو التصديق بالقلب، ومنتهية بالإسلام الذي هو انقياد الجوارح بالعمل الصالح.

{فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا}:

الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها؛ لأن قول المؤمنين: {آمنا بالله}. . . إلخ شأنه أن يكون سببا لإيمان أهل الكتاب الإيمان الصحيح؛ لأنه الحق الذي لا شبهة فيه، وإن تخلف إيمانهم مع وجود ما يدعو إليه، فلقصر نظرهم، وشدة عنادهم.

والمثل يستعمل بمعنى: نفس الشيء وحقيقته؛ من قولهم: مثل الرجل يمثل: إذا قام وانتصب، وبالانتصاب تتحقق صورته، وتبدو ظاهرة.

وقد صرح بعض المحققين بأن المثل في الأصل: عبارة عن نفس الشيء وصورته، ثم شاع استعماله فيما يشابهه، فمعنى الآية: فإن آمنوا بنفس ما آمنتم به.

Shafi 249