157

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Nau'ikan

هذه الآية واردة مورد التوبيخ لليهود الذين صدرت منهم هذه الأفعال الفظيعة؛ من تكذيب الرسل، وقتلهم فريقا منهم. وتهوى: من هوي: إذا # أحب، والهوى يكون في الحق، ويكون في الباطل، وعلى هذا الوجه ورد قوله تعالى: {بما لا تهوى أنفسكم}.

و {استكبرتم}: تكبرتم، والتكبر ينشأ عن الإعجاب بالنفس الذي هو أثر الجهل بها.

{ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون}:

هذا معطوف على قوله تعالى: {استكبرتم}، والمعنى: أنه كلما جاءكم رسول، استكبرتم عن إجابة دعوته؛ ازدراء له، فبادرتم فريقا من الرسل بالتكذيب فقط؛ حيث لا تقدرون على قتلهم، وأقبلتم على فريق منهم بالقتل؛ حيث تقدرون على قتلهم، وقدم تكذيبهم للرسل على قتلهم إياهم؛ لأن التكذيب أول ما يصدر عنهم من الشر.

وعبر في جانب القتل بالفعل المضارع، فقال: {تقتلون}، ولم يقل: قتلتم كما قال: {كذبتم}؛ لأن الفعل المضارع- كما هو المألوف في أساليب البلاغة- يستعمل في الأفعال الماضية التي بلغت من الفظاعة مبلغا عظيما، ووجهه: أن المتكلم يعمد لذلك الفعل القبيح؛ كقتل الأنبياء، ويعبر عنه بالفعل المضارع الذي يدل بحسب وضعه على الفعل الواقع في الحال، فكأنه أحضر صورة قتل الأنبياء أمام السامع، وجعله ينظر إليها بعينه، فيكون إنكاره لها أبلغ، واستفظاعه لها أعظم.

{وقالوا قلوبنا غلف}:

Shafi 161