وإنهم ليجدون متسعا من القول في كل عاص، وكل جارم، وكل آثم، إلا الخليع فلا متسع فيه من القول بعد الخلاعة. وما عسى أن يقول القائل في خليع؟ تلك غاية الغايات وقصارى الموبقات، فلا ملامة ولا عتاب!
المعري مثل من الأمثلة البالغة على سلطان البيئة أو على سلطان أدب «اللياقة» وأدب العرف والتقاليد.
فهذا الحكيم الذي عرض على فكره كل أصل من أصول الحكمة وكل مذهب من مذاهب الدين، فلم يقبل منها إلا ما ارتضاه برهانه، ولم يتخذ له إماما غير العقل في صبحه ومسائه، هو بعد هذا كله أسير «أدب اللياقة» يمنعه هذا الأدب ما ليس يمنعه شرع ولا فلسفة ولا عقيدة، وهذا القائل:
وسيان من أمه حرة
حصان ومن أمه زانية!
هو هو الذي يأبى أن يدخل الوليد على النساء بعد بلوغه العاشرة، ويأبى أن تذهب المرأة إلى الحمام، ويخشى على عرضها أن تخرج إلى الحج فلا يعده فريضة على عجز النساء ولا العذارى!
ذلك هو «السمت اللائق» بالمرأة في شريعة البيئة؛ فالسيدة الحصان تنجبها الأسرة الوقور لن تكون إلا على هذه الصفة، ومتى وصلنا إلى السمت اللائق أو إلى أدب اللياقة فأبو العلاء وسائر أبناء البيئة سواء، والفيلسوف الذي قال:
كذب الظن لا إمام سوى العق
ل مقيما في صبحه والمساء
لا يعنيه من إمامة العقل هنا إلا ما يعني قعائد البيوت وعجائز الأمهات والجدات، ذوات البنات يلتمسن الأزواج في ستر وحشمة وصيان! •••
Shafi da ba'a sani ba