Chefs, artistes et littérateurs
زعماء وفنانون وأدباء
Genres
قال: هذا شاب لبناني مسيحي اسمه أديب إسحاق، عرف مولانا مواهبه فأدناه منه، وعاونه على إصدار جريدة في القاهرة اسمها «مصر»، وكان السيد جمال الدين الأفغاني يشرف على سياستها، ويكتب فيها مقالات يوقعها باسم مستعار، هو «مظهر بن وضاح»، ثم أرسله إلى الإسكندرية حيث أنشأ جريدة يومية هي «التجارة»، وأغلقهما رياض باشا ناظر النظار!
قلت: وأبو نضارة هذا، هل هو صحفي؟
قال: إن يعقوب بن صنوع شاعر، وكاتب، وزجال، وابن نكتة، ويتقن عدة لغات، ويعرف التشخيص، ويفكر أفكارا هزلية، أما أبو نضارة فهو اسم المجلة التي عاونه مولانا على إصدارها في عهد الخديو إسماعيل، وكان مولانا يرى وجوب إنشاء مجلة تكتب للفلاحين بلغتهم، وقلنا له: وما الفائدة من ذلك ما دام الفلاح لا يعرف القراءة بلغته الفصحى؟
فقال: إن الفلاح يسمع ما في الجريدة، فإذا سمع لغة فصيحة لم يفهم بسهولة، وإذا سمع لغته الدارجة فهمها بسرعة، والأمة في حاجة إلى أن تفهم بسرعة!
قلت: ومن يكون سليم الحجازي؟
فقال: سليم باشا الحجازي رجل معروف، عندما زارنا الأفغاني لأول مرة كان الخديو إسماعيل قد نكب البلاد بالديون التي أخذها من الدول الأوروبية، وبلغ مجموعها 95 مليون جنيه أنفقها على نزواته ومظاهر أبهته، وتدخلت الدول الدائنة في شئوننا عقب وصول بعثة «كيف» إلى مصر عام 1875، وأنشئت مصلحة للرقابة على مالية مصر، وكانت هذه الرقابة تحكمنا وتتحكم فينا، وتستولي على أقواتنا، وتوجه سياستنا واقتصادياتنا.
وثار السيد جمال الدين الأفغاني على الحال التي آلت إليها مصر، وكان يقول: إني لأعجب منك أيها الفلاح، تشق الأرض بفأسك باحثا عن رزقك، لماذا لا تشق بهذه الفأس صدور ظالميك؟!
وكان مولانا يحض على الخلاص من إسماعيل، ويصف حكمه بأنه هوان للشعب، وقهر، وظلم، وسخرة، وجسر يعبر فوقه الغزاة من المستعمرين، ليلووا رقابنا، ويحنوا ظهورنا، ويستنزفوا منا الدم والعرق والكرامة.
وأخذ سليم الحجازي يستمع إلى السيد الأفغاني في تأثر واستجابة، وبغتة وقف منتفضا وهو يقول: كفى يا مولانا، فإنك إذا لم تسكت فسوف أذهب الآن وأقتل الخديو إسماعيل.
قال الأفغاني: وما الذي يمنعك من قتله؟
Page inconnue