Chefs, artistes et littérateurs

Kamil Shannawi d. 1376 AH
124

Chefs, artistes et littérateurs

زعماء وفنانون وأدباء

Genres

وهو في رأيي، أستاذ المدرسة الحديثة في الشعر العربي، فقد كان الشعر قبله ألفاظا ومعاني، فجاء مطران ونظم قصائد كل منها تمثل بناء قائما بذاته، أو كائنا حيا له رأس وقدمان ويدان ولسان، وفكر وشعور وهدف!

وقد بدأ محاولاته الشعرية الأصيلة في أواخر القرن الماضي.

وفضل مطران على الشعر العربي من الناحية الفنية، لا يقل عن فضل محمود سامي البارودي من الناحية اللفظية.

ولقد نشأ شعراء كثيرون بعد مطران، وربما تفوق عليه شاعر أو أكثر، ولكنه تفوق التلميذ على الأستاذ.

ولقد شهد مطران تكريم الأدب له في أخريات حياته، فقد تألفت في عام 1944 لجنة ضمت أدباء العروبة وعلماءها وفلاسفتها، وكان اسمها لجنة تكريم خليل مطران، وقامت اللجنة بطبع ديوانه في أربعة أجزاء كبيرة، وأقامت حفلة في دار الأوبرا تكلم فيها عشرون شاعرا وخطيبا، وحضرها الساسة والوزراء وأساتذة الجامعات، وقام خليل مطران وألقى أبياتا بصوت ضعيف خافت عبر فيها عن شكره، وبعد عام على ما أذكر، سكت هذا الطود ليدوي دائما في تاريخ الشعر العربي الحديث.

المازني الساخر

اختفى من دنيانا إبراهيم عبد القادر المازني، مات في المستشفى وكان قد دخله لإجراء عملية جراحية بسيطة، قبل وفاته بساعتين كتب مقالا «لأخبار اليوم» وكان أحد كتابها.

وهكذا انتهت حياة المازني كما بدأت؛ كفاحا وكدحا وعملا وإنتاجا وتأملا وتفكيرا، واضطلاعا بالمسئولية من أول رمق إلى آخر رمق، فقد واجه المازني أعباء الحياة وهو طفل صغير؛ مات أبوه وهو في السادسة من عمره، وتولت والدته تربيته، وأدرك في طفولته ما تعانيه أمه في سبيله، فتحمل معها المسئولية بقوة وشجاعة، فكان لا يكلفها شيئا فوق طاقتها، تعطيه مصروفه اليومي فيأخذه ثم يرده إليها كاملا في نهاية الأسبوع، تقدم له كل يوم ثلاث وجبات من الطعام فيكتفي بوجبتين فقط، تشترى له بدلتين فيستعمل بدلة واحدة، فلما كبر وأصبح قادرا على الكسب، حمل أمه فوق كتفيه وأكرمها، وكان رب أسرة ممتازا، فهو يعيش لأبنائه وزوجته، يشقى ليسعدهم، ويتعب ليريحهم، وقد عانى في حياته إرهاقا كثيرا، تخرج في مدرسة المعلمين العليا عام 1909، واشتغل بالتدريس في وزارة المعارف، واستقال ليشتغل في المدرسة الإعدادية وهي مدرسة أهلية، وكان يدرس معه الأستاذان عباس محمود العقاد وأحمد حسن الزيات، ثم ترك مهنة التدريس واشتغل بالصحافة، وقد عمل مع أمين الرافعي في الأخبار، ومع عبد القادر حمزة في البلاغ، ورأس تحرير جريدة الاتحاد، واشتغل في صحف دار أخبار اليوم.

والمازني كاتب كبير صاحب أسلوب فذ في الكتابة والنقد.

وقد كان برغم عنفه في مهاجمة خصومه ودفع عداونهم عليه، مهذب اللفظ، عفا، مؤدبا ينأى عن الصغائر، ويترفع عن التجريح، وكان يحمل في رأسه عقل فيلسوف، ويحمل في ضلوعه قلب فنان، وكان شجاعا في إبداء رأيه، وفي العدول عن هذا الرأي، إذا ما تبين أنه كان مخطئا؛ هاجم شوقي الشاعر ووصفه بأنه قطعة متلكئة من قديم الزمن، فلما مات شوقي وقال إنه ظلمه حين جرده من مكانته، ووصفه بأنه شاعر عظيم، وأن فقده خسارة لا تعوض.

Page inconnue