Les leaders de la réforme à l'époque moderne
زعماء الإصلاح في العصر الحديث
Genres
وواضح أن هذه قصة رمزية، أرد أن يصور فيها شعور الناس في هذه الفترة بعد ما كان من الإسراف، ووقوع مصر في الديون الباهظة، وتدخل الدول الأجنبية؛ من مراقبة ثنائية وإنشاء صندوق الدين، وما إلى ذلك، كما يصور بها ألم الناس من هذا المرض الإفرنجي، وأملهم في النجاة منه يسعى عقلائهم، وتفكير أولي الرأي فيهم، كل ذلك في أسلوب روائي مفهوم.
قد كانت هذه المسألة هي صميم المسألة المصرية، ومشكلتها الكبرى، فبدأ بها على هذا النحو، وعالجها هذا العلاج، وكان بارعا في التورية بكلمة «الداء الإفرنجي».
ويلي ذلك مقال في «عربي تفرنج» يصف فيه شابا من صميم الفلاحين، تعلم في مصر، ثم في أوربا، وعاد إلى بلاده يسفه أباه لما قابله على المحطة وقابله كيف يقبله، ويطالبه أن يسلم عليه بيديه فقط، ويكتفي أن يقول له «بن أريفيه» وينسى لغته، حتى اسم البصل، فهو لا يعرف إلا أن اسمه «أونيون» - ويختم هذا بالمغزى من القصة، وهو أن لا أمل في مثل هؤلاء إلا إذا حافظوا على لغة قومهم وعاداتهم، وصرفوا علومهم في تقدم بلادهم.
ثم يقص قصة موسرين اجتمعوا في بيت أحدهم، دخل عليهم فوجدهم ساهمين
11
لا يتكلمون ولا يتحركون، فظنهم يفكرون في أمر خطير شغل أذهانهم، وعقد لسانهم، كتفكيرهم في تقدم الصنائع في أوربا، وكيف يفعل ذلك في مصر، أو يفكرون فيما يزيد ثروتهم، ويضمن التقدم في عملهم، ثم يتبين بعد ذلك أنهم إنما اجتمعوا لتعاطي الكيف،
12
وقالوا ما لنا وللدنيا وما جرى فيها، وما لنا وللصحف والتلغرافات، ونحن بحمد الله في غنى عظيم، عندنا الخدم الذين يقومون بأعمالنا، وخلف لنا آباؤنا من المال ما لا تفنيه الأيام - فلا نخرج من بيوتنا إلا للمسامرات بالمضحكات والنكات اللطيفات.
ثم قصة ترمي إلى نقد ما كان يجري بين العامة من اجتماعهم في القهوة، وسماعهم للقصاص (الشاعر)، انقسامهم إلى معسكرين، متعصب لعنترة، ومتعصب لزغبة، وما كان أحدهم - وقد ختم القصاص الليلة بوقوع عنترة أسيرا - إذا ذهب إلى ابنه وأيقظه من نومه وأمره أن يقرأ في الكتاب حتى يخلص عنترة من الأسر، وإلا مات كمدا، فلما لم يطعه ابنه، وأفهمه أن هذا تخريف في تخريف، نزل عليه بعصاه حتى أدماه، والجنون فنون.
ويلي هذه قصة تمثل الفلاح الجاهل، المرابي الماكر؛ إذ أراد الفلاح أن يقترض منه مائة جنيه، فأعطاه سبعين، وكتب عليه «كمبيالة» بمائة وعشرين وحسبها كما يأتي: المائة فائدتها عشرون، تخصم في المائة فيكون فيه الباقي سبعين، وتضم الفائدة فيكون عليه مائة وعشرون، ويقتنع الفلاح بذلك لجهله بأبسط مسائل الحساب؛ ثم يقدم الفلاح للمرابي قطنا وقمحا ثمنها الحقيقي 125 جنيها، يحسبهما المرابي بأربعين، ويغالطه أغلاطا مضاعفة حتى يجعله مدينا بمائتي جنيه وعشرة، كل ذلك والفلاح في غفلة لا يدري ما يصنع به - فإذا عوتب المرابي على ذلك قال: ماذا أصنع! إن الفلاح حمار، وأنا أريد أن أكون غنيا كبيرا في خمس سنين!
Page inconnue