Le chef rebelle Ahmed Urabi
الزعيم الثائر أحمد عرابي
Genres
فلم يبق إلا أن نبذل غاية ما في السعة، ونأتي على قاصية الاستطاعة في نفع هذه الأمة التي ندبتنا للنظر في منفعتها، واستنابتنا عن أنفسها لرؤية مصالحها، سالكين في ذلك من مسالك الحزم والتبصر وحسن النظر ما تحسن بعناية الله مغبته، وتحمد بيمن توفيقه عاقبته، ويعضد مقاصد حكومتنا السنية المتجهة للسداد والرشاد وسلامة البلاد والعباد، ويؤيد ما لنا من روابط التبعية للذات السنية السلطانية والدولة العلية العثمانية، التي منحتنا عواطفها الكريمة من الامتيازات المرعية ما جلت به النعمة وعظمت المنة، ويؤكد علائقنا الودادية مع الدول الأجنبية المحبة لمنفعتنا وفائدة بلادنا، مبتهلين إلى الله جل ثناؤه وتقدست آلاؤه، في أن يحرس لنا هذا الجناب الخديوي الفخيم، ويديم لأوطاننا به النفع العميم، أدام الله توفيقنا على أحسن ما يرام، وبلغ به الوطن العزيز غاية المرام.
وتعد خطبة رئيس مجلس النواب، يوم افتتاح المجلس وتعقيب سليمان باشا أباظة عليها، وجواب المجلس على خطبة العرش من الوثائق الهامة في تاريخ المجلس ... وهي صورة ناطقة تمثل لنا جانبا من الحياة السياسية والآداب البرلمانية في ذلك العصر، ولغة هذه الوثائق ومعانيها حسنة في مجموعها، وتدل على سهولة استساغة نواب سنة 1881 للأساليب البرلمانية الحديثة. (6) وضع الدستور
واشتغلت وزارة شريف بوضع الدستور، وكان يسمى في اصطلاح ذلك العصر «اللائحة الأساسية» أو «القانون الأساسي». وقد وضع على أحدث المبادئ العصرية، إذ يتضمن القواعد الرئيسية للنظم البرلمانية، كتقرير مبدأ المسئولية الوزارية أمام مجلس النواب، وتخويل المجلس حق تقرير القوانين بحيث لا تصدر إلا بتصديق منه، وتقرير الميزانية والرقابة على أعمال الحكومة وموظفيها، وإلزامها بعدم فرض أي ضريبة أو إصدار أي قانون أو لائحة إلا بعد تصديق المجلس ، وقد أخذ بنظرية وحدة الهيئة النيابية، فجعلها ممثلة في مجلس النواب دون مجلس الشيوخ.
ولما أتم شريف باشا وضع الدستور عرضه على مجلس النواب للمناقشة فيه وإقراره ... ففي عصر يوم 2 يناير سنة 1882، جاء إلى مجلس النواب يصحبه سائر الوزراء، فعرض الدستور على هيئة المجلس، وألقى في هذا المقام خطبة ضافية، ذكر فيها خلاصة ما احتواه من القواعد، وألمع إلى أنه بوضع هذا الدستور إنما ينفذ الخطة التي رآها من ثلاث سنوات في عهد الخديو إسماعيل.
وقد أحال المجلس مشروع الدستور على «اللجنة الدستورية»، وهي لجنة ألفها خصيصا للنظر فيه، وكانت تسمى «لجنة اللائحة»، وقد بحثت اللجنة مواد الدستور، وأقرت معظمها مع تعديلات يسيرة في بعضها لا تغير من جوهره شيئا، وكاد الأمر يتم بالاتفاق بين الحكومة والمجلس على نصوص الدستور، لولا الأزمة السياسية التي أدى إليها تدخل فرنسا وإنجلترا في وضع الدستور، وانتهت بسقوط وزارة شريف. (6-1) أزمة يناير سنة 1882
اعترض وضع الدستور أزمة سياسية خطيرة نسميها أزمة يناير سنة 1882 ... ترجع إلى سوء نية إنجلترا وفرنسا حيال مصر، وائتمارهما بالنظام الدستوري، الذي كاد يستقر بإعلان اللائحة الأساسية، ولم يكن بقي على إعلانها وصدور المرسوم بها سوى إجراءات شكلية من تبادل الرأي بين مجلس النواب والحكومة على التعديلات الطفيفة التي أدخلتها لجنة المجلس في مشروع اللائحة ...
ولكن إنجلترا وفرنسا أرادتا أن تحدثا حدثا يخلق الاضطراب في مصر، وقد يودي بالدستور ... وذلك بتدخلهما في شئون مصر الداخلية وإيقاع الفرقة بين الخديو والأمة، ولكي تتخذا من هذه الفرقة ذريعة للتدخل المسلح.
ففي اليوم الثامن من شهر يناير سنة 1882 توجه السير إدوار مالت معتمد إنجلترا، والمسيو سنكفكس المعتمد الفرنسي مجتمعين إلى سراي عابدين، وقدما إلى الخديو مذكرة مشتركة من الدولتين بتاريخ 7 يناير سنة 1882، قوامها أنهما حيال الحوادث الأخيرة قد أجمعتا على تأييد سلطة الخديو.
وفحوى المذكرة أن الدولتين انتحلتا لنفسيهما حق القوامة والرقابة على مصر، وإقرار الأمن والنظام فيها والتدخل في شئونها الداخلية ... وظاهر من عباراتها أن فرنسا وإنجلترا كانتا تنظران بعين الاستياء إلى تأليف مجلس النواب، وقيام النظام البرلماني في مصر ... ولم تكتما الإعراب عن هذا الاستياء صراحة في المذكرة، إذ جعلتا من الحوادث الموجبة للتدخل «صدور الأمر الخديوي باجتماع مجلس النواب».
قوبلت هذه المذكرة في مصر بالسخط العام ... وهاجت لها الخواطر، وتوجه شريف باشا إلى معتمدي فرنسا وإنجلترا، وأنهى إليهما اعتراضه على المذكرة.
Page inconnue