59

سنة الترك ودلالتها على الأحكام الشرعية

سنة الترك ودلالتها على الأحكام الشرعية

Maison d'édition

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣١ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

تنبيه:
احتج بعضُهم بذلك في تحسين بعض البدع - كالاحتفال بمولده ﷺ وبيوم هجرته، وتخصيص ليلة السابع والعشرين من شهر رجب بالمزيد من الذِّكر والقيام - حيث قال: إنَّ الرَّسول ﷺ لم يفعل بعض العبادات، وذلك لأن المقتضي في حقه ﷺ منتف؛ لكونه قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومعلوم أنَّ تَرْكَه ﷺ كمَّا تقرر لا يكون حُجَّة إلا بشرط قيام المقتضي، فهو ﷺ بخلاف أمته - ولا سيما المتأخرين - فإن المقتضي في حقهم قائم ثابت، وذلك لعظم تقصيرهم وكثرة ذنوبهم.
والجواب على ذلك: أن الرسول ﷺ قد بَيَّنَ بُطْلَان هذه الدعوى وذلك في قصة الرَّهْط الثلاثة الذين سألوا عن عبادته ﷺ فلمَّا أُخبروا بها كأنهم تَقَالُّوها، فقالوا: أين نحن من النبي ﷺ وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال ﷺ: «أمَا والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له» (١).
وبذلك يُعلم أن الرَّسول ﷺ بلغ الغاية القصوى في تقوى الله والحرص على التقرب إليه بأنواع التعبدات والطاعات.
وبهذا يتقرر أصل مهم في هذا الباب، وهو: أن

(١) أخرجه البخاري ص (١٠٧٠) برقم (٥٠٦٣) وقد تقدم.

1 / 68