رامبير : لكن قد يكون مخجلا أن يكون المرء سعيدا بمفرده.
تارو : لو أردت اقتسام شقاء الناس فإنك لن تحصل أبدا على وقت للسعادة. وعليك أن تختار.» - «لقد خسر
تارو
الجولة. أما
ريو
فماذا ربح؟ لقد ربح أنه عرف الطاعون، وأنه بقيت له ذكراه، وأنه عرف الصداقة، وأنه بقيت له ذكراها، وأنه عرف الحنان وأنه لا بد أن يأتي يوم لا يبقى منه إلا ذكراه (انتهى الطاعون ومات صديقه وما زالت أمه على قيد الحياة). إن كل ما يمكن للمرء أن يربحه في لعبة الطاعون (الموت، الحرب، كل ما هو سيئ وشرير) والحياة، هو المعرفة والذكرى؛ فقد يكون هذا هو ما عناه تارو بقوله ربح الجولة.» - «إنهم يعرفون الآن أنه إذا كان ثمة شيء يتمناه الناس دائما ويحصلون عليه أحيانا فهو الحنان.» - (آخر سطور الرواية) ... «قرر الدكتور ريو أن يكتب تلك القصة التي تصل الآن إلى نهايتها، وذلك حتى لا يكون من أولئك الذين يلزمون الصمت، وحتى يقدم شهادة في صالح مرضى الطاعون، ولكي يترك من ورائه شهادة تذكر بالظلم والعنف اللذين حاقا بهم. وأخيرا لكي يذكر ببساطة أننا نتعلم من النكبات أن الإنسان فيه ما هو جدير بالإعجاب أكثر ما يستحق من الازدراء.
ولكنه كان يعرف مع ذلك أن تلك القصة لا يمكن أن تكون قصة النصر النهائي. إنها ليست إلا شهادة على ما لا بد لهؤلاء الناس من تحقيقه، وما يتبقى لهم أن يحققوه - في أغلب الظن - رغم (...) وسلاحه الذي لا يكل، ورغم همومهم الشخصية؛ ذلك أنهم إذا كانوا يستطيعون أن يكونوا قديسين ويرفضون الاستسلام للأوبئة، فإنهم مضطرون أن يكونوا أطباء.
والواقع أن
ريو
كان ينصت إلى صيحات الفرح تتصاعد من المدينة، فتذكر أن هذا الفرح ما زال مهددا؛ لأنه كان يعرف ما تجهله تلك الجموع المبتهجة، وما يمكن قراءته في الكتب من أن جرثومة الطاعون لا تموت ولا تختفي أبدا، وأنها قد تظل عشرات السنوات نائمة في الأثاث والفرش، وأنها تنتظر - في صبر وأناة - في الغرف والأقبية والحقائب، والمناديل والأوراق القديمة، وأنه ربما يأتي يوم يوقظ فيه الطاعون فئرانه ويبعث بهم إلى الناس من أجل شقائهم وتعليمهم لكي يختطفهم الموت من بين أحضان حياة سعيدة.»
Page inconnue