ورابعها: وجوب استمرار كما يقال: إنه يجب وقوع الفعل من القادر عند توفر دواعيه وانتفاء صوارفه، والمراد أنه يستمر وقوعه عند قوة الداعي وزوال الصوارف قصة مستمرة من كل قادر وفي كل وقت، وليس المراد أن تأثير الفاعل فيه على سبيل الإيجاب كتأثير العلل، بل هو واقع باختياره، والمقصود من هذه المعاني هو هو الواحب المحقق بالفعل، وهو ما يستحق الذم بالإخلال به على ما تقدم في أول الكلام ويأتي إن شاء الله تعالى.
وإذا أردنا الكلام في حده فله حدان [27أ] حقيقي ورسمي:
فالحقيقي: هو ما ليس للقادر عليه الإخلال به على بعض الوجوه، وقيل: هو ما ليس لمن يوجه عليه، وإنما كان هذا الحد حقيقيا لأنا حددناه بأخص أوصافه الراجعة إليه، وهو أنه لما هو عليه ليس للقادر عليه الإخلال به بخلاف الآخرين، فإنا حددنا الواجب فيهما بحكمه التابع للإخلال به وهو استحقاق الذم.
قلنا: ما ليس للقادر الإخلال به على بعض الوجوه احترازا مما يقدر عليه وله الإخلال به، بل قد يجب عليه الإخلال به علل القبح.
وقلنا: على بعض الوجوه احتراز من وجوه أربعة:
أحدها: الكفارات الثلاث فإنه إذا أتى بواحدة منهن لا يستحق الذم على ترك الباقي ومن فرض الكفاية، فإنه إذا قام به البعض سقط وجوبه عن البعض الآخر، ومن الإكراه أقضا على الإفطار في شهر رمضان؛ فإنه لا يستحق الذم، ومن ترك الصلاة في أول الوقت؛ فإنه لا يستحق الذم بذلك، ومن إخلال الشيء بالواجب؛ فإنه إذا وقع منه فهو صغير في حقه؛ لأنه لا يخل إلا بما الإخلال به صغير.
وأما الرسمي: فإن شئت قلت هو ما إذا لم يفعله القادر عليه أستحق الذم على بعض الوجوه، وإن شئت قلت: ما قاله الشيخ (رحمه الله) ما للإخلال به مدخل في استحقاق الذم على بعض الوجوه .
واختلفوا هاهنا هل يقال على بعض الوجوه أم لا؟
Page 46