182

وتناذر الغزية بإقدامه، وتآمروا بينهم على بياته، فتجمعوا للركض عليه، فحثوا الخيل تحت [ظلام] الليل حثا كاد لا تتنفس «1» الأرض بوطء أقدامها «2»، ولا تشعر النجوم بأشخاص ألويتها وأعلامها، حتى أوقعوا به وانتهبوا جل سواده، وقبضوا على جلة قواده، وانقلبوا بما غنموه إلى أوطانهم عند حصول البغية، فاستأثروا على المنتصر بالأسرى طمعا في الفدية. ثم بلغ المنتصر تنازعهم الأمر بينهم في موالاتهم أيلك عليه، وإفراجهم عن الأسرى تقربا إليه. فرابه ذلك من أمرهم ريبة لم تأخذه الأرض معها بقرار، ولم تكتحل عينه عندها بغرار؛ فاختار من جريدته قرابة سبعمائة رجل ركبانا ورجالا، خفافا وثقالا، وطاف على المعابر فإذا النهر [103 ب] جامد «3»، وآمل الشط في البعد آمد، ففرشوا النهر بأتبان الأرز حتى أمكنهم من العبور «4».

وتبعه الطلب فمنعهم خطر المعبر من قصد المنتصر، وأرسل هو عند قراره بآمل رسولا إلى السلطان يمين الدولة وأمين الملة يذكره بحقوق سلفه عليه، واشتداد الأمر في انثيال «5» العداة عليه، وأنه له «6» بحيث يرتبه فيه طاعة له، وإخلاصا في هواه. وأظهر الانقطاع إلى كنف قبوله وإشباله «7»، والافتقار إلى معونته بماله ورجاله. وامتد من آمل الشط إلى سواد مرو احتراسا من معرة الترك في العبور على الأطواف والفلك.

Page 190