حدثنا عاصم بن رازح بن رجب الخولاني، قال: حدثنا محمد بن حميد بن هشام الرعيني، قال: حدثني أبي، قال: حدثني الحسن بن معاوية النصيري، قال: حدثني ابن أبي ليلى التجيبي، عن عبد الحميد بن حميد الكاتب مولى خزاعة، عن أبيه، قال: " كان موسى بن نصير يكاتب عبد العزيز بن مروان، فلما هلك عبد العزيز ولى عبد الملك عبد الله بن عبد الملك، فلم يكاتبه موسى وكاتب عبد الملك، فكتب إليه عبد الله بن عبد الملك: أما بعد، فإنك كنت من عبد العزيز وبشر بين مهادين تعلو عن الحضيض مهودهما، ويدفئك دثارهما حتى عفا مخبرك، وسمت بك نفسك فلا تحسبني كمن كنت تخلبه وأعداء بيته، وتقول اكفياني أكفكما، ولا كأضبع كنت تمينه بكهانتك، وأيم الله لأضعن منك ما رفعا، ولأقلن منك ما كثرا، فضح رويدا، فكأن قد أصبحت سادما تعض أناملك نادما والسلام.
فكتب إليه موسى بن نصير: أما بعد، فقد قرأت كتابك، وفهمت ما وصفت فيه من إركاني إلى أبويك وعمك، ولعمري إن كنت لذلك أهلا، ولو خبرت مني ما خبرا لما صغرت مني ما عظما، ولا جهلت من أمرنا ما علما، فكيف أتاه الله لك، فأما انتقاصك لهما فهما لك، وأنت منهما ولهما منك ناصر لو قال وجد عليك مقالا، وكفاك جزاء العاق، فأما ما نلت من عرضي فذلك، موهوب لحق أمير المؤمنين لا لك، وأما تهددك إياي بأنك واضع مني ما رفعا فليس ذلك بيدك، فأرعد وأبرق لغيري، وأما ما ذكرت مما كنت آتي به عمك عبد العزيز فلعمري إني مما نسبتني إليه من الكهانة لبعيد، وإني من غيرها من العلم لقريب، فعلى رسلك، فكأنك قد أظلك البدر الطالع، والسيف القاطع، والشهاب الساطع، فقد تم لها وتمت له، ثم بعث إليك الأعرابي الحلف الجافي فلم تشعر به حتى يحل بعقوتك فيسلبك سلطانك، فلا يعود إليك ولا تعود إليه فيومئذ تعلم أكاهن أم عالم، وتوقن أينا النادم السادم، والسلام.
Page 47