قلت لك إنني انتقلت من الترفق إلى العتاب, فعلى أي قاعدة من قواعد الذوق جاز لك أن تقولي إنني فارقت شبابي؟
اسألي عن أهلي يا سيدتي لتعرفي أني من قوم تشيب نواصيهم ولا تشيب أبدانهم ولا قلوبهم.
ومعاذ الأدب والذوق أن أنبهك إلى خطأ ستندمين عليه يوم أعود.
ولكن متى أعود؟
اشتقت إلى الضلال في الزمالك.
اشتقت إلى المنزل الذي لم تسدل ستائره على قلب أشرف من قلبي. اشتقت إلى المنزل الذي كانت تحييني أحجاره حين أشرفه بقدمي. اشتقت إلى الإنسانة الغالية التي كانت تراني أعظم نعمة عرفها الوجود. اشتقت إلى الجدائل المعطرة التي أخذت منها «خصلتين» أدفع بهما قسوة الوحشة في أيام الاغتراب.
ولكن من صاحبة هذه الجدائل؟
من هي؟ من هي؟
لن تعرفي ولن يعرف اللئام الذين يلاحونني على صفحات الصباح.
ولو سألني فاطر الأرض والسموات لأنكرت وكتمت، فليس في الدنيا كلها غير عاشق واحد يكتم أسرار الملاح هو صاحب «النثر الفني» الرجل الذي تعرفين ويعرفون.
Page inconnue