وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: "إنّ في الدنيا جَنَّةً من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة".
وقال لي مرة: "ما يصنع أعدائى بي؟!، أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رُحْتُ فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة" (^١) .
وكان يقول في محبسه بالقلعة: "لو بذلت لهم (^٢) ملء هذه القلعة ذهبًا ما عدل عندي شكر هذه النعمة"، أو قال: "ما جزيتهم على ما تسبَّبوا لي فيه من الخير"، ونحو هذا.
وكان يقول في سجوده وهو محبوس: "اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" ما شاء الله.
وقال لي مرة: "المحبوس من حُبِس قلبه عن ربه تعالى، والمأسور من أسره هواه".
ولما أُدخِل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣)﴾ [الحديد: ١٣].
وعَلِمَ اللهُ ما رأيت أحدًا أطيب عيشًا منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية والنعيم، بل ضِدِّها، ومع ما كان فيه من الحبس