فهذه أربعة مواضع ذكر الله تعالى فيها أنه يَجْزِي المحسن بإحسانه جزائين: جزاءً في الدنيا، وجزاءً في الآخرة. فالإحسانُ له جزاءٌ مُعَجَّلٌ ولابُدّ، والإساءة لها جزاءٌ مُعَجَّلٌ ولابُدّ.
ولو لم يكن إلا ما يُجَازى به المُحْسِنُ (^١): من انشراح صدره، وانفساح قلبه، وسروره، ولذته بمعاملة ربه ﷿، وطاعته، وذكره، ونعيم روحه بمحبته وذكره، وفرحه بربه ﷾ أعظم مما يفرح القريب من السلطان الكريم عليه بسلطانه.
وما يُجَازى به المسيء: مِنْ ضيق الصدر، وقسوة القلب، وتَشَتُّتِه، وظُلْمَتِه، وحزازاته (^٢)، وغمه، وهمه، وحزنه، وخوفه، وهذا أمر لا يكاد من له أدنى حِسٍّ وحياة يرتابُ فيه، بل الغموم والهموم والأحزان والضيق (^٣) عقوباتٌ عاجلة، ونارٌ دنيوية، وجهنَّمُ حاضرةٌ.
والإقبالُ على الله تعالى، والإنابة إليه، والرضى به وعنه (^٤)، وامتلاء القلب من محبته، واللَّهج بذكره، والفرح والسرور بمعرفته = ثوابٌ عاجل، وجَنَّةٌ حاضرة، وعَيْشٌ لا نسبة لعيش الملوك إليه ألبتة.