وانفسح وانشرح، وقَوِيَ فرحه، وعَظُمَ سروره.
ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبد حقيقًا بالاستكثار منها والمبادرة إليها. وقد قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)﴾ [الحشر: ٩]، [التغابن: ١٦].
وكان عبد الرحمن بن عوف -أو سعد بن أبي وقاص- يطوف بالبيت وليس له دأب إلا هذه الدعوة: "ربِّ قني شُحَّ نفسي، ربِّ قني شُحَّ نفسي". فقيل له: أما تدعو بغير هذه الدعوة؟ فقال: "إذا وُقِيتُ شُحَّ نفسي فقد أفلحتُ" (^١).
والفرق بين الشُّحِّ والبخل أن الشُّحَّ: هو شدة الحرص على الشيء، والإحفاء في طلبه، والاستقصاء في تحصيله، وجَشَعُ النفس عليه.
والبخل: منعُ إنفاقه بعد حصوله، وحُبُّه وإمساكُه، فهو شحيحٌ قبل حصوله، بخيلٌ بعد حصوله.
فالبخلُ ثمرة الشُّحِّ، والشُّحُّ يدعو إلى البخل، والشُّحُّ كامِنٌ في النفس، فمن بخل فقد أطاع شُحَّه، ومن لم يبخل فقد عصى شُحَّه، وَوُقِي شره، وذلك هو المفلح ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)﴾.