وعندئذ حاول التسلل ليلا والانسحاب تحت جنح الظلم، فلم تفلح حيلته، حيث إن المسلمين قد علموا بالأمر فاستعدوا لإفشاله وطاردوا الصليبيين حتى فارسكور١، وقتلوا منهم خلقا كثيرًا بلغ أكثر من ثلاثين ألفا٢، وسقط الملك نفسه أسيرا، فسجنه المسلمون في دار ابن لقمان بالمنصورة، وكلفوا الطواشي صبيح بحراسته.
وظل الملك لويس التاسع في أسره حتى أخلى المسلمون سبيله مقابل انسحاب الصليبيين من دمياط ودفع مبلغ طائل من المال فدية لنفسه وتعويضا للمسلمين عما خسروه في هذه الحرب، ومقابل إطلاق أسرى المسلمين في مصر والشام وإطلاق سراح أسر ى الصليبين وغير ذلك مما سنذكره في حينه٣.
وبذلك تم فشل هذه الحملة المسعورة وذلك بفضل الله، ثم فرسان المماليك كاقطاي وبيبرس الذين سماهم ابن واصل (داوية الإسلام) ٤ إعجابا منه بشجاعتهم.
مقتل السلطان تورانشاه بن الملك الصالح نجم الدين أيوب:
لم يكن تورانشاه بالشخص المناسب فكان سيئ التدبير غير مستقيم الأخلاق، مفتقرا للمعارف والأنصار من المماليك والمصريين على السواء، لأنه قضى معظم حياته في حصن كيفا، وقد وصفه ابن الجوزي بأنه "كان سيئ التدبير والسلوك ذا هوج وخفة"٥.
وقد دفعه ندماؤه الذين كانوا لا ينفكون عن تذكيره بأنه ليس ملكا إلا بالاسم، وأن السلطة الفعلية بيد زوجة أبيه شجر الدر والمماليك٦، إلى الإساءة للمماليك الذين عليهم جل اعتماده، كبيبرس وأقطاي ورفاقهم، فأبغضوه وصاروا يخشون غدره ويتحينون فرصة القضاء عليه٧.