تفسير التبيان ج1
إلا الحلواني وكذلك في كل همزتين في كلمة واحدة اذا كانت الاولى للاستفهام إلا في مواضع مخصوصه نذكرها فيما بعد الباقون بتخفيف الاولى وتليين الثانية وفصل بينهما بالالف أهل المدينة إلا ورشا وابا عمرو والحلواني عن هشام ومعنى قوله (سواء) أي معتدل مأخوذ من التساوي كقولك متساو وتقول: هذان الامران عندي سواء أي معتدلان ومنه قوله: (فانبذ اليهم على سواء)(1) عني بذلك اعلمهم وآذنهم للحرب ليستوي علمك وعلمهم بما عليه كل فريق منكم للاخر ومعناه: أي الامرين كان منك اليهم الانذار أم ترك الانذار فانهم لا يؤمنون.
وقال عبدالله بن قيس الرقيات:
تعدت بي الشهباء نحو ابن جعفر
سواء عليها ليلها ونهارها
يعني بدلك عندها معتدل في السير الليل والنهار لانها لا فتور فيه ومنه قول الاخر:
وليل يقول المرء من ظلماته
سواء صحيحات العيون وعورها
لان الصحيح لا يبصر فيه إلا بصرا ضعيفا من ظلمته وهذا لفظه لفظ الاستفهام ومعناه الخبر وله نظائر في القرآن كما تقول ما أبالي أقمت أم قعدت وانت مخبر لامستفهم لانه وقع موقع أي كأنك قلت لا أبالي أي الامرين كان منك وكذلك معنى الآية: سواء عليهم أي هذين منك اليهم حسن في موضعه سواء فعلت أم لم تفعل.
وقال بعض النحويين ان حرف الاستفهام انما دخل مع سواء وليس باستفهام لان المستفهم اذا استفهم غيره قال: أزيد عندك أم عمرو ويستفهم صاحبه ايهما عنده وليس احدهما احق بالاستفهام من الاخر فلما كان قوله: (سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم) بمعنى التسويه أشبه ذلك الاستفهام اذ شبهه بالتسوية وقال جرير:
الستم خير من ركب المطايا
واندى العالمين بطون راح
فهذا في صورة الاستفهام وهو خبر لانه لو أراد الاستفهام لما كان مدحا.
---
(1) سورة الانفال آية 59 تفسير التبيان ج1
Page 60