ثم بعد ذلك لا بأس عليه في أي فن قرأ، ولا بأس أن يفعل معشرا واحدا من أول الطلب مع ما ذكرت من الفنون المرتبة في (شرح الأزهار)، ليعرف العبادات فهذا ما ينبغي للشيخ فعله ولو لم يمكن فعله من التلاميذ إلا بالإغلاظ عليهم والتخشين في القول ما لم يؤد إلى جرح الصدور وإحباط الأجر، وقد جعل بعضهم عدم ترتيب القراءة من الشيخ خيانة وهي لعمري كذلك. فقد رأينا من يتعاطى طلب ماليس له بأهل فيبقى أعواما وسنين في كد ونصب، ولم يحصل على فائدة، وما سبب ذلك إلا عدم الترتيب في القراءة كما قرره العلماء رحمهم الله تعالى في أجوبتهم ومصنفاتهم فإنه أجاب سيدي هاشم بن يحيى الشامي حين سئل عن ترتيب القراءة بما معناه، ما ذكرنا من الترتيب، وليحذر الطالب أن يطلب هذه العلوم ثم يهمل علم التفسير وعلم السنة فهما البغية المقصودة والضالة المنشودة، وأما ما تقدم من العلوم فإنما هي موصلة إليهما وإلا فهما مرجع جميع العلوم في الحقيقة فيهما تبيين الحلال والحرام، والمندوب والمكروه، والمباح، والعدل والتوحيد، والوعد والوعيد، والزهد والطب، والآداب والمواعظ والقصص والأخبار، وعلى الجملة ما من علم ينتفع به إلا وهما أصله، وهو متفرع عنهما نسأل الله الإعانة على حفظ معانيهما فإنه أكرم المسؤلين وهو رب العالمين.
Page 49