La Stabilité à la Mort

Ibn al-Jawzi d. 597 AH
69

La Stabilité à la Mort

الثبات عند الممات

Chercheur

عبد الله الليثي الأنصاري

Maison d'édition

مؤسسة الكتب الثقافية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٦

Lieu d'édition

بيروت

يَسُرُّكُمْ مَا أَدْرَكْتُمْ مِنَ الْعِلْمِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَبِمَاذَا تَنَالُونَ الْعِلْمَ بِالْجَسَدِ أَمْ بِالرُّوحِ قَالُوا بِحَيَاةِ الرُّوحِ وَأَنَّ الْبَطِيء عَنْهُ ثِقَلٌ قَالَ فَإِذَا كَانَ قَدِ استبان لكم أَن الْعلم ثَمَرَةُ الرُّوحِ وَأَنَّ الْبَطِيءَ عَنْهُ ثِقَلُ الْجَسَدِ وَكُنْتُمْ بِدَرْكِ الْعِلْمِ مَسْرُورِينَ وَبِقُوَّتِهِ مَحْزُونِينَ لَقَدِ اضْطَرَّكُمُ الرَّأْيُ إِلَى إِيثَارِ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدِ إِذْ قَدْ بَانَ لَكُمْ أَنَّ مُفَارَقَةَ الرُّوحِ الْجَسَدِ أَفْضَلُ لَكُمْ مِنْ مُلازَمَتِهِ إِيَّاهُ أَلَسْتُمْ تَرَوْنَ شَهَوَاتِ الْجَسَدِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَفُضُولَ الْمَطَاعِمِ مَضَرَّةً بِالْفَلْسَفَةِ الَّتِي مَعْنَاهَا صَبُّ الْحِكْمَةِ وَإِنَّكُمْ لَمْ تَجْعَلُوا تِلْكَ الأُمُورَ إِلا صِيَانَةً لِلْعَقْلِ وَرَغْبَةً فِي الْعِلْمِ قَالُوا بلَى قَالَ فَإذْ أَقْرَرْتُمْ أَنَّ هَذِهِ اللَّذَّاتِ الْمُقَوِّيَةَ لِلأَجْسَادِ مُفْسِدَةٌ لِلْعُقُولِ فَقَدِ الْتَزَمْتُمْ أَنَّ الأَجْسَادَ الَّتِي هِيَ قَابِلَةٌ لِهَذِهِ اللَّذَّاتِ أَفْسَدُ قَالُوا لَقَدِ اضْطَرَّنَا الرَّأْيُ إِلَى تَحْقِيقِ مَا مَضَى مِنْ قَوْلِكَ وَكَيْفَ لَنَا أَن نجترئ مِنَ الْمَوْتِ عَلَى مَا اجْتَرَأْتَ عَلَيِهِ وَنَزْهَدُ فِي الْحَيَاةِ كَمَا زَهِدْتَ قَالَ إِنِّي مُجْهِدٌ نَفْسِي فِي الصِّدْقِ فَأَجْهِدُوا أَنْفُسَكُمْ فِي الْفَهْمِ إِنَّ الْفَيْلَسُوفَ قَدْ رَضِيَ من الدُّنْيَا مَالا تُرَادُ الدُّنْيَا لَهُ وَاحْتَمَلَ مِنْ نَصَبِ الْفَلْسَفَةِ مَا لَا يُرِحْ مِنْهُ إِلا الْمَوْتُ فَمَا حَاجَةُ مَنْ لَا يَتَمَتَّعُ بِشَيْءٍ لَهُ مِنَ الْحَيَاةِ إِلَى الْحَيَاةِ وَمَا هَرَبُ مَنْ لَا رَاحَةَ لَهُ إِلا فِي الْمَوْتِ مِنَ الْمَوْتِ وَلَقَدْ جَهِلَ مَنْ ظَنَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهَا مِنَ التَّنَعُّمِ وَالتَّلَذُّذِ سَبِيلا وَمَنْ حَرَمَ نَفْسَهَ لَذَّةً إِلَيْهَا وَاحْتَمَلَ مُؤْنَةَ الْفَلْسَفَةِ لَا يَنْفِي ثَوَابَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ أُلْقَى حَزِينًا عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لأَنْ نَضْحَكَ مِنْهُ وَمَنْ أَحَقُّ بِأَنْ نَضْحَكَ مِنْهُ مِنْ نَاصِبٍ غَرَسَ أَوْ بَانِي قَصْرَ يُوجَدُ مَحْزُونًا حِينَ تَمَّ لَهُ مِنْهَا الَّذِي أَمِلَهُ

1 / 94