215

The Safe Interpretation According to the Methodology of Revelation and Authentic Sunna

التفسير المأمون على منهج التنزيل والصحيح المسنون

Maison d'édition

(المؤلف)

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Genres

تصديقهم بالقرآن تصديقًا منهم للتوراة، فإن التوراة تحفل بهذا الأمر كما يحفل به القرآن.
قال مجاهد: (﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾، يقول: إنما أنزلت القرآن مصدقًا لما معكم التوراة والإنجيل).
وقال أبو العالية: (يقول: يا معشر أهل الكتاب، آمنوا بما أنزلت على محمد مصدقًا لما معكم. يقول: لأنهم يجدون محمدًا ﷺ مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل).
وقوله ﴿مُصَدِّقًا﴾ حال من الضمير في أنزلت، والتقدير: بما أنزلته مصدقًا، أو يكون حالًا من ما، والتقدير: آمنوا بالقرآن مصدقًا.
وقوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾.
فيه أكثر من تأويل حسب عودة الضمير في "به". وتفصيل ذلك:
١ - قيل الضمير يعود على محمد ﷺ.
قال أبو العالية: (يقول: ولا تكونوا أول من كفر بمحمد ﷺ).
٢ - قيل بل الضمير يعود على القرآن.
قال ابن جريج: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾، بالقرآن).
٣ - وقيل بل الضمير يعود على التوراة: إذ تضمنها قوله ﴿لِمَا مَعَكُمْ﴾.
قال بعضهم: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ يعني: بكتابكم. ويتأول أنّ في تكذيبهم بمحمد ﷺ تكذيبًا منهم بكتابهم، لأن في كتابهم الأمرَ باتباع محمد ﷺ).
واختار ابن جرير أن الضمير في "بهِ" عائد على القرآن الذي تقدم ذكره في قوله: ﴿بِمَا أَنْزَلْتُ﴾.
وقال ابن كثير: (وكلا القولين صحيح، لأنهما متلازمان، لأن من كفرَ بالقرآن فقد كفر بمحمد ﷺ، ومن كفر بمحمد ﷺ فقد كفر بالقرآن).
قلت: بل الأقوال الثلاثة متلازمة، فالإيمان بالقرآن يقتضي الإيمان بمحمد ﷺ والإيمان بالتوراة، والكفر بالقرآن يعني الكفر بمحمد والكفر بالتوراة التي تأمر بالإيمان بمحمد ﷺ والقرآن.

1 / 217