فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَحَقٌّ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَبَاطِلٌ لَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ اللَّهِ ﷿ وَلَا فِي كَلَامِ رَسُولِهِ قَطُّ وَلَيْسَ بِحَقِّ. فَإِنَّ الشَّيْءَ إذَا كَمُلَتْ وَاجِبَاتُهُ فَكَيْفَ يَصِحُّ نَفْيُهُ؟ وَأَيْضًا فَلَوْ جَازَ لَجَازَ نَفْيُ صَلَاةِ عَامَّةِ الْأَوَّلِينَ والآخرين لِأَنَّ كَمَالَ الْمُسْتَحَبَّاتِ مِنْ أَنْدَرِ الْأُمُورِ. وَعَلَى هَذَا: فَمَا جَاءَ مِنْ نَفْيِ الْأَعْمَالِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّمَا هُوَ لِانْتِفَاءِ بَعْضِ وَاجِبَاتِهِ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥]،
وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٤٧]، وقَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ [الحجرات: ١٥] الْآيَةَ، وقَوْلِه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ [النور: ٦٢] الْآيَةَ؛ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.