Le Joyau Caché dans la Biographie du Prophète de Confiance
اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون
Maison d'édition
المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Lieu d'édition
الكويت
Genres
بِسَبَبِ امْرَأَةٍ كَانَتْ تُجَمِّرُهَا، وكَانَتِ الكَعْبَةُ رَضْمًا (١) فَوْقَ القَامَةِ، فَاضْطُرَّتْ قُرَيْشٌ إِلَى تَجْدِيدِ بِنَائِهَا حِرْصًا عَلَى مَكَانَتِهَا، وحِفَاظًا عَلَى حُرْمَتِهَا، وقَدِ اتَّفَقَتْ قُرَيْشٌ عَلَى أَنْ لَا يُدْخِلُوا في بِنَاءِ الكَعْبَةِ مِنْ كَسْبِهِمْ إِلَّا طَيِّبًا، فَلَا يُدْخِلُوا فِيهَا مَهْرَ بغِيٍّ (٢) ولا بَيع رِبًا، وَلَا مَظْلَمَةَ أَحَدٍ مِنَ النَّاس (٣).
فَلَمَّا أَرَادَتْ قُرَيْشٌ هَدْمَهَا تَهَيَّبُوا، وخَافُوا مِنْ أَنْ يُصِيبَهُمْ أذًى، لِأَنّ أَكْثَرَهُمْ شَاهَدَ مَا الذِي حَدَثَ لِأَبْرَهَةَ الحَبَشِيِّ عِنْدَمَا أَرَادَ أَنْ يَهْدِمَ الكَعْبَةَ، فَقَالَ لَهُمُ الوَليدُ بنُ المُغِيرَةِ المَخْزُومِيُّ: أتُرِيدُونَ بِهَدْمِهَا الإِصْلَاحَ، أمِ الإِسَاءَةَ؟ قَالُوا: بَلِ الإِصْلَاحَ، فقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُهْلِكُ المُصْلِحِينَ، وأَخَذَ المِعْوَلَ، وشَرَعَ يَهْدِمُ، فَقَالَ الوَليدُ: قُومُوا سَاعِدُونِي، فقَالُوا: لَا، نَنْتَظِرُ إلى الغَدِ، فَإِنْ أُصِيبَ الوَليدُ لَنْ نَهْدِمَ مِنْهَا شَيْئًا، وَرَدَدْنَاهَا كَمَا كَانَتْ، وإنْ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ صُنْعَنَا فهَدَمْنَا.
فَأَصْبَحَ الوَليدُ مِنْ لَيْلَتِهِ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ، فَهَدَمُوا مَعَهُ، وهُمْ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ إنَّا لَا نُرِيدُ إِلَّا خَيْرًا، حَتَّى إِذَا انتهَى الهَدْمُ بِهِمْ إِلَى الأَسَاسِ، أَسَاسِ إبْرَاهِيمَ ﵇ أَفْضَوْا إِلَى حِجَارَةٍ خُضْرٍ كَأَسْنِمَةِ الإِبِلِ (٤) آخِذ بَعْضهَا بِبَعْضٍ.
(١) الرَّضْمُ: أن تُنَضَّدَ الحجارَةُ بَعْضُهَا علي بعضٍ مِنْ غيرِ مِلَاطٍ. انظر الرَّوْض الأُنُف (١/ ٣٣٦). (٢) البَغِيُّ: هي المُسْتَعْمَلَةُ بالزِّنَا. انظر النهاية (١/ ١٤٣). (٣) قال الدكتور محمد أبو شهبة في كتابه السِّيرة النَّبوِيَّة (١/ ٢٢٧): هذا يَدُلُّ علي أَنَّ العربَ كان الكَثِيرونَ منهم يَتَحَرَّونَ المَكَاسِبَ الحَلَالَ، وَأَنَّ الرِّبَا كان طَارِئًا عليهِمْ مِنَ اليَهُودِ. (٤) الأسْنِمَةُ: جمع سَنَامٍ وهو أَعْلى الظَّهْرِ، وأرادَ أَنَّ الحِجَارَةَ دخلَ بعضُهَا في بعضٍ كما تَدْخُلُ عِظَامُ السَّنَامِ بعضُهَا في بَعْضٍ، فشَبَّهَهَا بِهَا. انظر النهاية (٢/ ٣٦٧).
1 / 135