The Guide and the Guided

Marzuq al-Zahrani d. 1450 AH
64

The Guide and the Guided

الهادي والمهتدي

Maison d'édition

(بدون ناشر) (طُبع على نفقة رجل الأعمال الشيخ جمعان بن حسن الزهراني)

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٧ هـ - ٢٠١٥ م

Genres

فكسر الله أعداءه في جزيرة العرب وخارجها، لم يسعَ أبو بكر ﵁ إلى الخلافة، بل الخلافة سعت إليه، لأنه ﵁ كان أزْهَدَ الناس، وأكثرهم تواضعًا: في أخلاقه، ولباسه، ومطعمه، ومشربه، وتأكد ذلك بعد توليه الخلافة، إذ كان لبسه في خلافته الشملة، قدمَ إليه زعماء العرب وأشرافهم، وملوك اليمن وعليهم الْحُلَل، وبرود الْوَشْي المثقل بالذهب، والتيجان، فلما شاهدوا ما عليه من اللباس والزهد والتواضع والنسك، وما هو عليه من الوقار والهيبة ذهبوا مَذهبه، ونزعوا ما كان عليهم، وكان ممن وفد عليه من ملوك اليمن ذو الكلاع ملك حمير، ومعه ألف عبد دون من كان معه من عشيرته، وعليه التاج والحُلَل، فلما شاهد من أبي بكر ﵁ ذلك الزهد والتواضع ألقى ما كان عليه وَتَزَيَّا بِزِيِّ أبي بكر، حتى إنه رؤي يومًا في سوق من أسواق المدينة على كتفيه جلد شاة، ففزعت عشيرته لذلك وقالوا له: "قد فضحتنا بين المهاجرين والأنصار، قال: أفأردتم مني أن أكون ملكًا جبارًا في الجاهلية، جبارًا في الإسلام، لا تكون طاعة الرب إلا بالتواضع لله والزهد في هذه الدنيا" (١)، وتواضعت الملوك ومَنْ ورد عليه من الوفود بعد التكبر، وتذللوا بعد التجبر. أبرز الأحداث في خلافة أبي بكر ﵁ -: لم تنطفئ العداوة للإسلام، من اليهود والذين أشركوا، حتى في حياة رسول الله ﷺ، ولكن الله ﷿ مكن للإسلام في جزيرة العرب، وأذاع صيته في أنحاء من الأرض، فما سمع أناس بوفاة رسول الله ﷺ إلا واشرأبت أعناقهم، وجاشت صدورهم بما فيها من الرغبات، وكان أول من برز مظهرا رغبة شخصية أبداها: الحباب بن المنذر ﵁ في طلب الخلافة، حين قال في سقيفة بني ساعده: "أنا جُذيلها المحكك، وعُذيقها المرجَّب، إن شئتم والله رددناها جذعة" (٢)، ولكن الله ﷿ أراد خلاف ذلك، فكان أفضل الأمة بعد نبيها الأَولَى والأحق عند الله ورسوله والمؤمنين، وما كاد يستقر الأمر في يد أبي بكر ﵁ حتى أطلَّت الفتنة برأسها من خلال من زعم أن الزكاة لا تؤدى إلا للنبي ﷺ، ولا يستحق جمعها أحد بعده، وكانت مهمة الفتح

(١) مروج الذهب ١/ ٢٨٩. (٢) مصنف ابن أبي شيبة ٨/ ٥٧١.

1 / 68