The Book of Manners

Ibn Al-Muqaffa d. 139 AH
23

The Book of Manners

الأدب الصغير ت خلف

Maison d'édition

دار ابن القيم بالإسكندرية

Genres

وَجِدٌّ، وَتَذْكِيرٌ لِلْأُمُورِ، وَتَبْكِيتٌ لِلنَّفْسِ، وَتَذْلِيلٌ لَهَا؛ حَتَّى تَعْتَرِفَ وَتُذْعِنَ. وَأَمَّا الْخُصُومَةُ: فَإِنَّ مِن طِبَاعِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ (١) أَنْ تَدَّعِيَ الْمَعَاذِيرَ فِيمَا مَضَى، وَالْأَمَانِيَ فِيمَا بَقِيَ، فَيَرُدَّ عَلَيْهَا مَعَاذِيرَهَا وَعِلَلَهَا وَشُبُهَاتِهَا. وَأَمَّا الْقَضَاءُ: فَإِنَّهُ يَحْكُمُ فِيمَا أَرَادَتْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّئَةِ بِأَنَّهَا فَاضِحَةٌ مُرْدِيَةٌ مُوْبِقَةٌ (٢)، وَلِلْحَسَنَةِ بِأَنَّهَا زَائِنَةٌ مُنْجِيَةٌ مُرْبِحَةٌ. وَأَمَّا الْإِثَابَةُ وَالتَّنْكِيلُ: فَإِنَّهُ يَسُرُّ نَفْسَهُ بِتَذَكُّرِ تِلْكَ الْحَسَنَاتِ وَرَجَاءِ عَوَاقِبِهَا وَتَأْمِيلِ فَضْلِهَا، وَيُعَاقِبُ نَفْسَهُ بِالتَّذَكُّرِ لِلسَّيِّئَاتِ وَالتَّبَشُّعِ بِهَا وَالاقْشِعْرَارِ مِنْهَا وَالْحُزْنِ لَهَا. فَأَفْضَلُ ذَوِي الْأَلْبَابِ أَشَدُّهُمْ لِنَفْسِهِ بِهَذَا أَخْذًا، وَأَقَلُّهُمْ عَنْهَا فِيهِ فَتْرَةً (٣). وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَذْكُرَ الْمَوْتَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِرَارًا، ذِكْرًا يُبَاشِرُ بِهِ الْقُلُوبَ وَيَقْذَعُ (٤) الطِّمَاحَ (٥)؛ فَإِنَّ فِي كَثْرَةِ ذِكْرِ الْمَوْتِ عِصْمَةً مِنَ الْأَشَرِ (٦)، وَأَمَانًا بِإِذْنِ اللهِ مِنَ الْهَلَعِ.

(١) في "ك": [الآمِرَةِ بِالسُّوءِ]. (٢) أي: مُهْلِكَةٌ. (٣) أي: إغفالًا وضعفًا. (٤) أي: يعيب ويكف ويقهر. (٥) الطِّمَاح: الكِبْرُ والفَخْرُ، وأصله: الارتفاع، فكل مرتفع مُفْرِط في تَكَبُّر: طامِح؛ وذلك لارتفاعه. ورجلٌ طَمَّاحٌ: أي: شَرِهٌ. (٦) الْأَشَر: الْمَرَح والْبَطَر، وقيل: أَشَدُّ الْبَطَرِ. "لسان العرب" للعلامة ابن منظور، وفي "المصباح المنير" للفيومي: «أَشِرَ أَشَرًا فهو أَشِرٌ: بطر وكفر النعمة فلم يشكرها».

1 / 28