The Book of Manners
الأدب الصغير ت خلف
Maison d'édition
دار ابن القيم بالإسكندرية
Genres
عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضُؤُولَةً (١)؛ فَإِنَّ مَنْ أُعِينَ عَلَى حِفْظِ كَلاَمِ الْمُصِيبِينَ، وَهُدِيَ لِلاقْتِدَاءِ بِالصَّالِحِينَ، وَوُفِّقَ لِلْأَخْذِ عَنِ الْحُكَمَاءِ، فَلاَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَزْدَادَ؛ فَقَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ، وَلَيْسَ بِنَاقِصِهِ فِي رَأْيِهِ وَلاَ غَامِطِهِ (٢) مِنْ حَقِّهِ أَنْ لاَ يَكُونَ هُوَ اسْتَحْدَثَ ذَلِكَ وَسَبَقَ إِلَيْهِ.
وَإِنَّمَا إِحْيَاءُ الْعَقْلِ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ وَيَسْتَحْكِمُ خِصَالٌ سَبْعٌ: الْإِيثَارُ بِالْمَحَبَّةِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي الطَّلَبِ، وَالتَّثَبُّتُ فِي الاخْتِيَارِ، وَالاعْتِقَادُ (٣) لِلْخَيْرِ، وَحُسْنُ الْوَعْيِّ (٤)، وَالتَّعَهُّدُ لِمَا اخْتِيرَ وَاعْتُقِدَ، وَوَضْعُ ذَلِكَ مَوْضِعَهُ قَوْلًا وَعَمَلًا.
أَمَّا الْمَحَبَّةُ: فَإِنَّمَا (٥) يَبْلُغُ الْمَرْءُ مَبْلَغَ الْفَضْلِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ حِينَ يُؤْثِرُ بِمَحَبَّتِهِ؛ فَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ أَمْرَأَ وَلاَ أَحْلَى عِنْدَهُ مِنْهُ.
وَأَمَّا الطَّلَبُ: فَإِنَّ النَّاسَ لاَ يُغْنِيهِمْ حُبُّهُمْ مَا يُحِبُّونَ وَهَوَاهُمْ مَا يَهْوَوْنَ عَنْ طَلَبِهِ وَابْتِغَائِهِ، وَلاَ يُدْرِكُ لَهُمْ بُغْيَتَهُمْ نَفَاسَتُهَا فِي أَنْفُسِهِمْ دُونَ الْجِدِّ وَالْعَمَلِ (٦).
_________
(١) أي: ضَعْفًا وَنَقْصًا.
(٢) يقال: غَمَطَ فلانٌ فلانًا غَمْطًا: أي: اسْتَصْغَرَهُ وَاحْتَقَرَهُ. وفي الحديث الذي أخرجه الإمامُ مسلمُ بْنُ الحجاجِ ﵀ في "صحيحه" (ج٢/ ٨٨ - ٨٩/نووي): «الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» أي: احتقارهم وازدراؤهم. وفي نسخة "للأدب الصغير": [ولا بغائضه].
(٣) في نسخة "ك": [وَالاعْتِيَادُ].
(٤) في "ك": [وَحُسْنُ الرَّعْيِّ].
(٥) في "ك": [فَإِنَّهَا تُبْلِغُ الْمَرْءَ مَبْلَغَ الْفَضْلِ ... إلخ].
(٦) في "ك": [ولا تُدْرَكُ لَهُمْ بُغْيَتُهُمْ وَنَفَاسَتُهَا فِي أَنْفُسِهِم دُونَ .. إلخ].
1 / 23