167

السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

سنة ٢٠٠٠ م

Genres

وَوَجَدْنَاهُ ﷿ يَقُولُ فِيهِ وَاصِفًا لِرَسُولِهِ ﷺ ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ (١) فَصَحَّ لَنَا بِذَلِكَ أَنَّ الوَحْيَ يَنْقَسِمُ مِنَ اللهِ ﷿ إِلَى رَسُولِهِ ﷺ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وَحْيٌ مَتْلُوٌّ مُؤَلَّفٌ تَأْلِيفًا مُعْجَزَ النِّظَامِ وَهُوُ القُرْآنُ، وَالثَّانِي: وَحْيٌ مَرْوِيٌّ مَنْقُولٌ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ وَلاَ مُعْجَزَ النِّظَامِ وَلاَ مَتْلُوٌّ لَكِنَّهُ مَقْرُوءٌ، وَهُوَ الخَبَرُ الوَارِدُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ المُبَيِّنُ عَنْ اللهِ ﷿ مُرَادُهُ مِنَّا، قَالَ تَعَالَى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ (٢) وَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ طَاعَةَ هَذَا القِسْمَ الثَّانِي كَمَا أَوْجَبَ طَاعَةَ القِسْمِ الأَوَّلِ الذِي هُوَ القُرْآنُ وَلاَ فَرْقَ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ (٣) فَكَانَتْ الأَخْبَارُ التِي ذَكَرْنَا أَحَدَ الأُصُولِ الثَّلاَثَةِ التِي أَلْزَمَنَا طَاعَتَهَا فِي الآيَةِ الجَامِعَةِ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ أَوَّلُهَا عَنْ آخِرِهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ﴾ (٤) فَهَذَا أَصْلٌ وَهُوَ القُرْآنُ ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ (٤) فَهَذَا ثَاٍن وَهُوَ الخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ ﴿وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ (٤) فَهَذَا ثَالِثٌ وَهُوَ الإِجْمَاعُ المَنْقُولُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ حُكْمُهُ».
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَلِيلٍ: «فَلَمْ يَسَعْ مُسْلِمًا يُقِرُّ بِالتَّوْحِيدِ أَنْ يَرْجِعَ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَى غَيْرِ القُرْآنِ وَالخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَلاَ يَأْبَى عَمَّا وُجِدَ فِيهِمَا، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الحُجَّةِ عَلَيْهِ فَهُوَ فَاسِقٌ، وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ مُسْتَحِلًاّ لِلْخُرُوجِ أَمْرِهِمَا وَمُوجِبًا لِطَاعَةِ أَحَدٍ دُونَهُمَا فَهُوَ كَافِرٌ لاَ شَكَّ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ».
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (٥): «وَلَوْ أَنَّ امْرُءًا قَالَ: لاَ نَأْخُذُ إِلاَّ مَا وَجَدْنَا فِي القُرْآنِ لَكَانَ كَافِرًا بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، وَلَكَانَ لاَ يَلْزَمُهُ إِلاَّ رَكْعَةً وَاحِدَةً مَا بَيْنَ دُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ، وَأُخْرَى عِنْدَ الفَجْرِ، لأَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَلاَةٍ، وَلاَ حَدَّ لِلأَكْثَرِ فِي ذَلِكَ، وَقَائِلٌ هَذَا كَافِرٌ مُشْرِكٌ حَلاَلُ

(١) [سورة النجم، الآيتان: ٣، ٤].
(٢) [سورة النحل، الآية: ٤٤].
(٣) [سورة المائدة، الآية: ٩٢] و[سورة التغابن، الآية: ١٢].
(٤) [سورة النساء، الآية: ٥٩].
(٥) " الإحكام في أصول الأحكام " لابن حزم الأندلسي: ٢/ ٨٠.

1 / 173