السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق
السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
سنة ٢٠٠٠ م
Genres
إنكار ذلك من حيث الشك في طريقها، وما يلحق رُوَّاتَهَا من خطأ أو وهم، وما يندس بينهم من وَضَّاعِينَ وكذّابين، ومن هنا قال من قال بوجوب الاقتصار على القرآن وعدم الاعتماد عَلَى السُنَّةِ، لا أنهم أنكروها من حيث أقوال النَّبِيِّ وأفعال وتقريرات، فإن مسلمًا لا يقول بذلك، ولم ينقل عن طائفة من طوائف المُسْلِمِينَ أنها قالت بأن اتباع أمر رسول الله ليس بواجب، وأن أقواله وأفعاله ليست من مصادر التشريع، ولا شك أن في القول بذلك رَدًّا لأحكام القرآن وما أجمع عليه الصحابة وَالمُسْلِمُونَ، نعم نسب القول إلى طائفة من غُلاَةِ الرَّوَافِضِ التي تنكر نُبُوَّةَ محمد ﷺ، وهذا لا كلام لنا فيه، فالبحث إنما هو في آراء الطوائف الإسلامية، لاَ المُرْتَدِّينَ وَالمَلاَحِدَةَ وأشباههم، وإليك من نصوص العلماء ما يؤكد هذا الذي قلناه.
قال الشافعي ﵀ في صدر كتاب "جماع العلم» من كتاب " الأم " الجزء السابع ص ٢٥٠: «لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا نَسَبَهُ النَّاسُ أَوْ نَسَبَ نَفْسَهُ إلَى عِلْمٍ، يُخَالِفُ فِي أَنْ فَرَضَ اللَّهُ ﷿ اتِّبَاعَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَالتَّسْلِيمَ لِحُكْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ ﷿ لَمْ يَجْعَلْ لأَحَدٍ بَعْدَهُ إلاَّ اتِّبَاعَهُ، وَأَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ قَوْلٌ بِكُلِّ حَالٍ إلاَّ بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ، وَأَنَّ مَا سِوَاهُمَا تَبَعٌ لَهُمَا، وَأَنَّ فَرْضَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَى مَنْ بَعْدَنَا [وَقَبْلَنَا] فِي قَبُولِ الخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ[وَاحِدٌ لاَ يَخْتَلِفُ فِي أَنَّ الفَرْضَ وَالوَاجِبَ قَبُولُ الخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ] إلاَّ فِرْقَةٌ سَأَصِفُ قَوْلَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وهذه الفرقة هي التي ذكر آراءها وناقشها آنفًا)».
وَلاَ شك أنك لمحت من النقاش أن مدار الإنكار هو الظن في ثبوتها بحيث لا تقف أمام القرآن المقطوع ونسبته إلى رسول الله ﷺ ثم إلى الله ﷿.
وقال ابن حزم (١): «لَمَّا بَيَّنَّا أَنَّ القُرْآنَ هُو الأَصْلُ المَرْجُوعِ إِلَيْهِ فِي الشَّرَائِعِ نَظَرْنَا فِيهِ فَوَجَدْنَا فِيهِ إِيجَابَ طَاعَةِ مَا أَمَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ،
(١) " الإحكام في أصول الأحكام " لابن حزم الأندلسي: ١/ ٩٦.
1 / 172