The Afro-Asian Idea

Malek Bennabi d. 1393 AH
79

The Afro-Asian Idea

فكرة الإفريقية الآسيوية

Chercheur

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

دمشق سورية

Genres

المجتمع الغربي الراقي، واثقات من أنهن يخدمن بهذا التقدم الوطن، ولكن لا يخطر ببالهن- بكل أسف- أن معطف الفراء لا ينسجم أحيانًا مع الأوضاع والأجواء تحت شمس بعض البلدان الإسلامية. وهكذا يحدث غالبًا أن نرى (الشيء) متقدمًا على (الفكرة)، وكأنهم يعتقدون أنهم إنما ينشئون أساسًا متينًا لحضارة بـ (كومة) من (الأشياء) المستعارة، التي لا تنفع قليلًا أو كثيرًا. وسيكون من الخير أن نعيد التفكير في المشكلة في تلك البلاد بالنسبة إلى طبيعة ما يسمى (الحضارة) معتبرين أن الحضارة- بناء على تعريفها البسيط- ليست (كومة) من الأشياء المتخالفة في النوع، بل هي (كل)، أي مجموع منسجم من الأشياء والأفكار، بصلاتها ومنافعها وألقابها الخاصة وأماكنها المحددة. ومجموع كهذا لا يمكن أن يتصور على أنه مجرد (تكديس) شبيه (بمجموعة فاروق) بل كبناء، وهندسة أي تحقيق فكرة ومثل أعلى. إن من المفيد دون شك أن نستورد هذه السلة المعدنية- (الشيء) - التي تثبت في جانب شارع كبير في إحدى المدن، حيث يلقي المارة مهملات الأوراق التي لا يريدون وضعها في جيوبهم، أو إلقاؤها على الرصيف، ولكن يجب أن نتيقظ لاستيراد فكرة استعمالها (الفكرة)، وإلا تورطنا في بناء حضارة (شيئية)، أي في تأثيث دكان للخردوات، أو سوق تتكدس فيه التحف غير النافعة، أو جمع بضاعة تافهة تتفاوت في جدواها أو (كومة) لا تنظيم فيها ولا فكرة، كومة تجردت من معناها الاجتماعي. ولقد ذهب بعض النقاد المحدثين إلى أن يعيب على الفكر الإسلامي الحديث نوعًا من (الذرية) التي يرى صورتها- فيما يبدو- في العجز عن أن نعقد صلات بين الأفكار، وعن أن نعطي لمناقشة مشكلة ما حركة متصلة مطردة لا يحجل فيها الفكر من نقطة إلى نقطة، بل يطرد دائمًا من مقدمة إلى نتيجة.

1 / 84