The Afro-Asian Idea
فكرة الإفريقية الآسيوية
Chercheur
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Maison d'édition
دار الفكر
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
دمشق سورية
Genres
بهذه الحالة حيث تتركز أزمة نصف قرن من الزمان، دون أن تتغلب أولًا على عقدها النفسية الخاصة حيال الشعوب المستعمَرة الأفرسيوية.
وهي لن تستطيع خاصة أن تصفي الأزمة دون أن تخضع عنصرها الجوهري لتحكيم خلقي في النزاع بين المستعمِر والمستعمَر، فمن الواجب دون شك مساعدة الطرفين على التغلب على مرض الاستعمار والقابلية للاستعمار.
وإن إخفاق أمريكا في هذه المشكلة ذات الطابع الإنساني والأخلاقي، لا يساوي في دويه شيئًا سوى نجاحها في المشكلات ذات الطابع الصناعي. وإن مأساة العالم المرتبطة إلى حد ما منذ عشر سنوات بهذا الإخفاق الأخلاقي والنفسي، الذي هو السبب الرئيسي في دفع الشعوب الأفرسيوية إلى البحث عن اتجاه جديد، وهو الذي قادها إلى مؤتمر باندونج.
وطبيعي أن هذا الافتقار لا يتجلى نقصًا نوعيًا في العقل الأمريكي، وإنما باعتباره شكلًا ينطبع في بوتقة خاصة؛ لحضارة لم يعد لديها الضوء السامي الذي يكشف لها جوانب المشكلات الإنسانية، لأنها ردت هذه المشكلات إلى المنطق العقلي المجرد. ولا شك في أنه كان من الممكن أن تقوم السعادة المادية للمتعطل الذي يعيش في مدينة الأكواخ في إفريقية الشمالية، ولأخيه الذي يعيش في الظروف نفسها في الهند على أسس فنية صناعية نجدها في إطار الحضارة الغربية. ولكن حظهما المشترك قد ظل غريبًا عن مودتها وعن فكرتها، بعيدًا عن قلبها. لقد غاب شبح البؤس الإنساني عن عبقرية الغرب.
إن المشكلات الإنسانية لا تظهر في العواصم الغربية، لأن ذكاء العقل الفني يدركها في ضوء خاص، يعريها عن مظهرها الإنساني، ولا ينظر إليها إلا في شكلها الكمي؛ أعني من الوجهة الاقتصادية والاستراتيجية. فلئن ظلت تلك المشكلات دون حل خلال الفترة الاستعمارية كلها، تلك الفترة التي خلفتها؛ فذلك لأن الغرب لم يباشرها بقلبه.
1 / 45