Révolution de la poésie moderne : De Baudelaire à l'époque contemporaine (Première partie) - Étude
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة
Genres
ومعناها باللاتينية بالتالي أو ولهذا السبب) وحاول في أسلوب مركز كالنقط أو الرموز الرياضية أن يرسم صورة إنسان يريد يائسا أن يحقق فعلا عقليا صرفا هو الاندماج في العدم المطلق.
وهي كذلك ظاهرة في الحوار (من فصلين صغيرين يعد أولهما مجرد تمهيد ثانوي للحوار) الذي سماه «هيرودياد» وظل يعمل فيه من سنة 1864م حتى أواخر حياته، وقد كتبه عن سالومي جديدة تحاول أن تحقق جهدا عقليا يفوق القدرة البشرية، وهو أن تصبح كيانا أو ماهية عقلية خالصة، بعد أن استبد بها الخوف من جسدها الجميل والرعب من الغرائز والعطر والنجوم. إنها ترفض الطبيعة، وتموت عذراء، وتغوص في «ليل أبيض من الجليد والثلج ألمخيف»، في حالة عقلية أو روحية تقتل كل حياة. ويظل عذاب سالومي الوحيد أنها لا تستطيع أن تسير في هذا «القتل» إلى أبعد مداه: «ثم إنني لا أريد شيئا يمت بصلة للبشر.» هذا البيت الذي تقوله سالومي يمكن أن نضعه عنوانا لشعر مالارميه كله. إن من مظاهر التجرد من النزعة البشرية عنده أنه يبتعد بنفسه عن الحياة العضوية والنباتية كما فعل من قبله بودلير. وكل من يقرأ شعره المتأخر يلاحظ أنه يكاد يخلو خلوا تاما من الكائنات الحية، ويكاد يقتصر على الأشياء الصناعية أو المصنوعة كقطع الأثاث وما أشبه. صحيح أنه يذكر الأزهار هنا أو هناك (ويمكن أن تراجع السوناتة الأخيرة التي تكلمنا عنها) ولكنها لم تعد زهورا طبيعية حية، بل مجرد رموز غير طبيعية للكلمة الشاعرة. (4) الحب والموت
عرف مالارميه الحب كما عرفه كل من كتب الشعر الغنائي، غير أن الحب عنده لم يكن سوى مناسبة للتعبير عن أفعال عقلية، يستوي في ذلك مع الزهرية الفارغة أو الكأس أو الكمان أو الستارة. بل إن قصيدة تشبه من نواح كثيرة قصائد الغزل التقليدية مثل السوناتة البديعة: «آه يا عزيزة من بعيدة وقريبة وبيضاء!» التي يرجع تأليفها إلى سنة 1895م تبتعد بلغتها العسيرة عن عاطفة الحب المألوفة، وتفصح بتجربتها الرهيفة عن القبلة الصامتة التي تقول أكثر مما تقوله الكلمة عن تجربة أساسية في شعر مالارميه وعالمه، ألا وهي أن الكلمة لا تدرك عجزها ولا تتبين مصيرها وغايتها في أن تصبح كلمة (لوجوس، معنى) إلا على حدود الصمت.
ويتضح هذا على أكمل وجه في قصيدة كتبها مالارميه سنة 1887م ونرى فيها كيف يحلق الموقف العقلي فوق الحب بحيث يضمه ويطويه.
والقصيدة من نوع السوناتة أيضا (وقد كتبت على طريقة الإنجليز في السوناتة، ثلاث رباعيات وثنائية) وتبدأ بهذا البيت (ص53):
الشعر رفيف لهب إلى الغرب القصي،
للرغبات التي (تريد) أن تنشره كله
يميل (قد أقول إن تاجا يموت)
نحو الجبهة المتوجة، مسكنه القديم.
فالشعر رمزه شعلة اللهب وهو يغادر جبهة الحبيب (الشرق)، تحركه أيدي الرغبات، ليتجه إلى المحبوب (الغرب). والقصيدة تحلق في أفق مرتفع بعيد، وكأنها نسيت وظيفة اللغة في الإفادة والإفهام!
Page inconnue