تفكرت قليلا، ثم سألته: لماذا؟ - لا أدري بالضبط، ربما لأمتحن كيف يكون أثره. - وكيف وجدته؟ - كما رأيت. - ألا تنوي أن تبلغ بنفسك إذا لم يفعل؟ - إنك لا تريدين ذلك!
فتنهدت قائلة: كان الموقف فوق طاقتي فانهزمت. - ولكن التجربة أثبتت أنه ممكن؟ - ولكن يبدو أنك لن تسير فيها إلى النهاية. - لا سبب لذلك عندي مثلك. - ها أنت تعود إلى قتلي!
فصمت مليا، ثم قال: إنك تحبينه، أليس كذلك؟
فلاذت بالصمت متجاهلة ترقبه، فقال: أوجدته مختلفا عن الرجل الممتاز الذي رفضته من قبل؟
فقالت بنبرة متشكية: روح القتال لم تفارقك بعد. - ليس ثمة ما يخجل في ذلك؛ فهو رجل ممتاز أيضا. - ولكنه بلا أخلاق! - لم يعد للأخلاق وجود، حتى أحمد نصر! - أود أن أقول إنك متشائم ولكن لا حق لي في ذلك. - على أي حال ستحميهم لا أخلاقياتهم من ارتكاب حماقة أخلاقية، وسوف يعود إليك الحب! - عذبني كيف شئت فإني أستحقه وأكثر.
فضحك ضحكة أشعرته بآلام فكيه وقال: وها أنا أعترف لك بأن الغيرة كانت باعثا من بواعث سلوكي الغريب!
فحدجته بنظرة داهشة فابتسم قائلا: لا يصح أن أخدعك؛ فقد تتوهمين أن إحدى شخصيات مسرحيتك قد تطورت إلى النقيض بتأثير كلامك أو بدافع من حدة التجربة، فأوقعك في نهاية مفتعلة!
لبثت ترامقه بدهشة فقال: وثمة نهاية أخرى لا تقل عن السابقة سخفا؛ وهي أن تبادليني الحب!
فغضت من عينيها وهي تسأله: فكيف ترى النهاية؟ - هذه هي مشكلتنا لا مشكلة المسرحية وحدها. - لكنك تكلمت عن قول ما يجب قوله؟ - ذلك حق، لم يكن الغضب ولا الغيرة وحدهما، ولكن خطر لي بعد ذلك أن أقول ما يجب قوله، وأن أقف موقفا جادا لأمتحن أثره؛ فوقع زلزال لا ندري شيئا عن عواقبه، وحتى أنت انهزمت! - إنك تمثل بجثتي. - بل إني أحبك.
تجلت في عينيها نظرة حزن عميق وقالت: أعترف لك بأنني مصرة على أن أكون جادة أكثر مني جادة بالفعل. - هات ما عندك بسرعة فإن القهوة على وشك! - في أويقات الراحة من العمل يعترضني العبث كأنه وجع الأسنان. - ذاك بعض أعراضه. - ولكنني أحاربه بعقلي وإرادتي.
Page inconnue