فأمره أحمد نصر بالذهاب، ولكنه مضى يردد: لا، لا.
ثم تراجع تحت ضغط النظرات وهو يهز رأسه أسفا، وتعاون مصطفى راشد وعلي السيد على مساعدة أنيس للجلوس على الفوتيل، وأحاط الآخرون برجب الذي راح يمسح الدم النازف من أنفه، وبسط أنيس يديه على ذراعي الكرسي، ومال برأسه إلى مسنده ، ثم أغمض عينيه نصف إغماضة. وقامت ليلى وسنية بإسعاف أولي فجاءتا بماء وقطن ومسحتا الدم عن شفته السفلى وحاجبيه، ثم بللتا وجهه وعنقه. أما سمارة فقد تقلص وجهها ألما، وغمغمت بكلمات لم يسمعها أحد. وضرب أحمد نصر كفا على كف وهو يقول: لم أكن أتصور ..
فتمتم علي السيد: يا للخراب! - لقد ركبنا الشيطان فلم يعد لنا من وجود.
واغرورقت عينا سنية بالدموع وقالت: من يصدق أن يحدث ذلك في عوامتنا؟!
فعادت سمارة إلى البكاء ولكن دون أن يند عنها صوت، وفتح أنيس عينيه، لم ينظر إلى أحد، ومال علي السيد عليه وهو يسأل: كيف حالك؟
لكنه لم يجب، فقال صاحبه: سأدعو طبيبا بعد إذنك.
عند ذاك قال أنيس: لا داعي لذلك. - الحزن قتلنا صدقني، حتى رجب نفسه، وهو يود مصالحتك.
فقال بهدوء غريب: كل شيء يهون إلا ..
وازدرد ريقه، ثم استطرد: إلا جريمة القتل.
لم يبد على أحد أنه فهم شيئا، واعتدل هو في جلسته. وقال علي السيد: أنت الآن أحسن؟
Page inconnue