وبدت سناء قلقة، ونظرت نحو البارافان متسائلة: ألا تخافون البوليس؟
فتساءل مصطفى راشد باسما: بوليس الآداب؟
فقالت بعد أن سكت الضحك: والمباحث أيضا؟
فقال علي السيد: لأننا نخاف البوليس والجيش والإنجليز والأمريكان والظاهر والباطن؛ فقد انتهى بنا الأمر إلى ألا نخاف شيئا. - ولكن الباب مفتوح! - في الخارج عم عبده، وهو كفيل برد أي اعتداء .
وقال لها رجب باسما: لا تقلقي يا نور العين؛ فالدولة منهمكة في البناء، ولديها ما يشغلها عن إزعاجنا.
وقدم لها مصطفى راشد الجوزة قائلا: جربي هذا النوع من الشجاعة.
ولكنها اعتذرت برقة، فقال رجب: خطوة خطوة، لقد بدأ الإنسان بأظافره وانتهى بالصاروخ. لفوا لها سيجارة.
وفي دقيقتين قدمت لها سيجارة فتناولتها بشيء من الحذر، ولكنها رشقتها بين شفتيها. ورمقها أحمد نصر بإشفاق، فقال أنيس لنفسه إنه يخاف في الحقيقة على ابنته، ولو عاشت ابنتي لكانت قرينة لسناء.
ولكن ما قيمة أن تبقى أو أن تذهب، أو أن تعمر كسلحفاة؟ ولما كان الزمن التاريخي لا شيئا بالقياس إلى الزمن الكوني؛ فسناء معاصرة في الواقع لحواء، ويوما ستحمل لنا مياه النيل شيئا جديدا يستحسن ألا نسميه، فقال له صوت الظلام: «أحسنت.» ولا أستبعد أن أسمع ذات ليلة نفس الصوت وهو يأمرني بعمل خارق يذهل له من لا يؤمن بالمعجزات. وقد قال العلم في النجوم كلمته، ولكن ما هي في الحقيقة إلا أفراد عالم آثروا الوحدة فتباعدوا عن بعضهم آلاف السنين الضوئية. فيا أي شيء افعل شيئا فقد طحننا اللاشيء!
وسألها أحمد نصر بحنان: وهل تجدين وقتا للمذاكرة؟
Page inconnue