وههنا فرع : وهو أن صاحب الولاية لو استعمل ما صورته صورة المكس والبخس بأن يجعل إتاوة على من باع أو شرى، وأراد بذلك التضمين لما هو على المأخوذ منه هل يسوغ ذلك؟
قلنا: في ذلك خلل من وجوه:
الأول: أنه يشبه بالظلمة.
الثاني: أنه يوصل إلى المباح بما صورته صورة المحذور، فأشبه بيع رؤوس المشركين .
الثالث: أن ذلك مسبب إلى أن يؤخذ ممن عليه حق وممن لا حق عليه ، فإن قيل: إذا خشى على بيضة الإسلام إن لم يؤخذ؟
قلنا: هذا يشبه إذا أذن الإمام للعامل أن يأخذ الرشوة تضمينا، وفي ذلك كلام السيدين .
قوله تعالى:
{فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا}
قيل: المعنى فاستقم بأداء الواجبات، واجتناب المقبحات.
وقيل: بالصبر على الأذى.
وعن جعفر الصادق قال: فاستقم كما أمرت أي : افتقر إلى الله بصحة العزم.
وقوله تعالى:{ولا تطغوا} قال أبو علي: المعنى لا تجاوزوا أمر الله بالزيادة والنقصان.
ولهذه ثمرة شديدة :
وهي لزوم الجادة المستقيمة فلا يتعداها ، ولا يقف ما ليس له به علم، ويلزم منه أن من جاوز ما أمر به فقد فقد الاستقامة، فيدخل في هذا الزيادة على ما جاء به الشرع في صفات الوضوء، وأن الزيادة على الثلاث خروج من الاستقامة، وكذا ما أشبه ذلك، وللإمام يحيى بن حمزة -عليه السلام- رسالة سماها ( الوازعة لذوي الألباب عن فرط الشك والارتياب).
قال في الكشاف: وعن ابن عباس -رضي الله عنه -: ما نزلت على رسول الله في القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية، ولهذا قال: ((شيبتني هود والواقعة وأخواتهما)).
وعن بعضهم: رأيت رسول الله في النوم فقلت: روي عنك أنك قلت: ((شيبتني هود والواقعة)) فقال: ((نعم))، فقلت: ما الذي شيبك منهما؟ ((أقصص الأنبياء وهلاك الأمم)) قال:لا ولكن قوله:{ فاستقم كما أمرت}.
قوله تعالى:
Page 63