وأما الشيخ أبو حامد الغزالي : فقد جعل الدعاء على الغير وإن كان ظالما من آفات اللسان، وقال: يوكل أمر الظالم إلى الله.
قال: وفي الحديث: ((إن المظلوم ليدعو على من ظلمه حتى يكافيه، ثم يبقى للظالم فضل عنده يطالبه به يوم القيامة)).
قال: وطول بعض الناس لسانه في الحجاج فقال بعض السلف: إن الله لينتقم للحجاج ممن تعرض له لسانه كما ينتقم من الحجاج لمن ظلمهم)) وهذا محتاج إلى التوجيه.
أما الفضل :فالعفو ، وقد تقدم ذكر هذا.
الرابع: من أقسام الدعاء: أن يدعو عليه بعدم الهداية، وعدم التوفيق، وأن يموت على غير توبة، ونحو ذلك، فهذا لا يجوز، ذكر ذلك النواوي في الأذكار، وقال: إذا قال مسلم لمسلم اللهم اسلبه الإيمان عصى، وفي وكفره وجهان: الصحيح أنه لا يكفر، وقد تأول المفسرون قوله تعالى في هذا الآية: {فلا يؤمنوا}.
قال الحاكم: هذا جار مجرى الإخبار، كما يقول انظر إلى الشمس تغرب، كأنه أخبر أنهم لا يؤمنون أبدا.
وقيل: هو عطف على قوله: ليضلوا، واللام في ليضلوا لام العاقبة، كقوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا} قال الشاعر:
[ له ملك ينادي كل يوم]
لدوا للموت وابنوا للحراب
وقال جار الله:؛ لما علم موسى -عليه السلام- من حالهم بالتجربة وطول الصحبة أن إيمانهم كالمحال، أو أعلمه الله تعالى ذلك اشتد غضبه عليهم فدعا عليهم بما علم أنه لا يكون غيره، كما تقول: لعن الله إبليس، وأخزى الله الكفرة، مع علمك أنه لا يكون غير ذلك.
فحصل من كلام المفسرين أنه لا يجوز الدعاء بالضلال لمن لم يقطع بأنه من أهل النار، وقد قال جار الله-رحمه الله-: من كره إيمان الكافر وأحب بقاؤه على الكفر فهو كافر؛ لأن الرضا بالكفر كفر.
قوله تعالى:
{أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}.
Page 54