Tazkiyat an-Nafs
تزكية النفوس
Maison d'édition
دار العقيدة للتراث
Lieu d'édition
الإسكندرية
Genres
فى قلب العبد اختار المدح وكره الذم، وربما حمله ذلك على ترك كثير من الحق خشية الذم، على فعل كثير من الباطل رجاء المدح.
فمن استوى عنده حامده وذامه فى الحق دلّ على سقوط منزلة المخلوقين من قلبه وامتلاه من محبة الحق، وما فيه رضى مولاه، كما قال ابن مسعود ﵁: " اليقين أن لا ترضى الناس بسخط الله ".
وقد مدح الله ﷿ الذين يجاهدون فى سبيله، ولا يخافون لومة لائم، وقد ورد عن السلف روايات أخرى فى تفسير الزهد.
قال الحسن: " الزاهد الذى إذا رأى أحدًا قال: هو أزهد منى ". وسئل بعضهم - أظنه الإمام أحمد - عمن معه مال هل يكون زاهدًا؟ قال: " إن كان لايفرح بزيادته ولا يحزن بنقصه فهو زاهد ".
وقال إبراهيم بن أدهم: " الزهد ثلاثة أقسام: فزهد فرض، وزهد فضل، وزهد سلامة ".
فأما الزهد الفرض: فالزهد فى الحرام، والزهد الفضل: فالزهد فى الحلال، الزهد السلامة: فالزهد فى الشبهات.
وكل من باع الدنيا بالآخرة فهو زاهد فى الدنيا، وكل من باع الآخرة بالدنيا فهو زاهد أيضًا، ولكن فى الآخرة.
قال رجل لإحد الصالحين: ما رأيت أزهد منك، قال: أنت أزهد منى لقد زهدت فى دنيا لا بقاء لها، ولا وفاء، وأنت زهدت فى الآخرة، فمن أزهد منك؟.
ولكن العادة جارية على تخصيص اسم الزهدعلى الزهد فى الدنيا، الزهد يكون فيما هو مقدور عليه ولذا قيل لابن المبارك: يازاهد، قال: " الزاهد هو عمر بن عبد العزيز إذ جائته الدنيا راغمة فتركها وأما أنا ففى ماذا
1 / 55