Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Genres
[الأنفال: 42]، وقال تعالى: { وكفى بالله عليما } [النساء: 70]، فلم يبق لمجوز تغيير تلك المراتب، إلا الاعتراض على الله تعالى فيما جعله مخصوصا بهذا الفضل، لقوله تعالى: { ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما } [النساء: 70]؛ أي: من يعطيه فضله والاعتراض على النبي صلى الله عليه وسلم حيث اختص أبا بكر رضي الله عنه بهذا الفضل، وقال:
" أفضلكم أبو بكر "
، والاعتراض على جميع الصحابة فإنهم أجمعوا على فضيلة أبي بكر وخلافته، فافهم جيدا وتفكر في هذا التقرير بلا تعصب ولا تكن من أهل التغير.
ثم أخبر عن أهل الفضل وأهل العدل بقوله تعالى: { يأيها الذين ءامنوا خذوا حذركم } [النساء: 71]، الإشارة فيها: إن الله تعالى بفضله وكرمه يعلم الذين آمنوا أن يأخذوا عدتهم وأسلحتهم في جهاد كافر النفس والشيطان لفلاح الروحاني عن أسير الهوى النفساني بقوله تعالى: { خذوا حذركم } [النساء: 71]، هو ذكر الله عز وجل لقوله تعالى:
واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون
[الأنفال: 45]، قال تعالى: { فانفروا ثبات } [النساء: 71]؛ أي: جاهدوا أنفسكم بالرياضة وقمع الهوى متفرقين؛ أي: وإن كنتم بوصف التفرقة ولا جمعية لكم، فإن بالرياضة يحصل الجمعية، { أو انفروا جميعا } [النساء: 71]؛ يعني: جاهدوا على الجمعية والحضور، فإن الجهاد ماض مع النفس مدة العمر في كل قتلة لها حياة أخرى أطيب وأعز من الأولى بقوله تعالى: { فانفروا ثبات } [النساء: 71] إلى الخروج من عالم الحيوانية إلى عالم الروحانية ومن التفرقة إلى الجمعية، { أو انفروا جميعا } [النساء: 71] إلى الخروج من عالم الروحانية إلى عالم الوحدانية الربانية، ومن الجمعية إلى الوحدة.
{ وإن منكم } [النساء: 72] أيها الصديقون { لمن ليبطئن } [النساء: 72]، من المدعين المتكاسلين في السير، القانعين بالاسم النازلين على الرسم، { فإن أصبتكم مصيبة } [النساء: 72] شدة وبلاء وجهد وعناء، قال: { قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا } [النساء: 72] من المحنة والشقاوة والشدة والعناء، { ولئن أصبكم فضل من الله } [النساء: 73]، فتوحات ومواهب غيبية وعلوم لدنية، ومرتبة رفيعة عند الخواص ومحبة وقبول عند العوام، { ليقولن } [النساء: 73]، هذا المرائي قول حاسد كاسد، { كأن لم تكن بينكم وبينه مودة } [النساء: 73]؛ أي: كمن لم يكن بينكم وبينه صحبة ونسبة في هذا الشأن، ولم يكن له انتماء إلى هذا الفرق إذا انقطع في الطريق، { يليتني كنت معهم } [النساء: 73] في جهاد النفس وتزكيتها، وتربية القلب وتصفية وتنقية الروح، وتحليته وتحلية السر وتقويته، { فأفوز فوزا عظيما } [النساء: 73]؛ أي: فالفوز العظيم؛ وهو الله جل ثناؤه.
[4.74-76]
{ فليقاتل } [النساء: 74]، هذا الحاسد النادم { في سبيل الله } [النساء: 74]؛ أي: في طلب الله، فليجاهد نفسه هو وأمثاله { الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة } [النساء: 74]، يشترون حظوظ النفس بحقوق الرب، ويختارون الفاني على الباقي، { ومن يقاتل في سبيل الله } [النساء: 74] يجاهد نفسه في طلب الحق، { فيقتل } [النساء: 74] نفسه بسيف الصدق والحق، { أو يغلب } [النساء: 74] بالظفر فسلم على بدنه، { فسوف نؤتيه } [النساء: 74] بجذبات العناية { أجرا عظيما } [النساء: 74]، وهو الفوز العظيم.
ثم أخبر عن المستضعفين وحث على تخليصهم من المشركين بقوله تعالى: { وما لكم لا تقتلون في سبيل الله } [النساء: 75]، إلى قوله: { كان ضعيفا } [النساء: 76]، والإشارة فيهما: إن ما لكم أيها المدعون الإسلام والدين، ألا تقاتلون في سبيل الله؟ لا تجاهدون أنفسكم في سلوك السبيل إلى الله، وهو تحريض على طلب الحق والسير إلى الله؛ لكيلا تقنعوا بمجرد الاسم والرسم، وتستمروا على ساق الحد والاجتهاد في طلب المقصود والمراد، فإن المجاهدة تورث المشاهدة في قوله تعالى: { والمستضعفين من الرجال } [النساء : 75]، إشارة إلى تقوية الأرواح الضعيفة التي استضعفتها النفوس باستيلائها عليها، { والنسآء } [النساء: 75]؛ أي: القلوب، فإن القلب للروح كالزوجة؛ لتصرف الروح في القلب كتصرف الزوج في الزوجة، { والولدن } [النساء: 75]؛ وهي الصفات الحميدة التي تتولد من ازدواج الروح والقلب، يستعينون إلى ربهم { الذين يقولون ربنآ أخرجنا من هذه القرية } [النساء: 75]؛ أي: قرية البدن، { الظالم أهلها } [النساء: 75]؛ وهي النفس الأمارة بالسوء، { واجعل لنا من لدنك وليا } [النساء: 75]؛ أي: كن لنا من فضلك وكرمك وليا تخرجنا من ظلمات البشرية والخلقية إلى نور الربوبية والإلهية، { واجعل لنا من لدنك نصيرا } [النساء: 75]، من ولاية النبوة شيخا مرشدا ينصرنا على النفس والهوى والشيطان والدنيا.
Page inconnue