431

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

ومن الناس من يعبد الله على حرف

[الحج: 11]، قال تعالى:

يدعون ربهم خوفا وطمعا

[السجدة: 16]، والعبودية طلب المولى للمولي بترك الدنيا والعقبى، والتسليم عند جريان القضاء شاكرا صابرا في النعماء والبلوى، كقوله تعالى:

يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه

[الأنعام: 52]، فإذا حصل المقصود وصل العابد إلى المعبود، فحينئذ يصح عنه، { وبالولدين إحسانا وبذي القربى واليتمى والمسكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمنكم } [النساء: 36]؛ لأن الإحسان من صفات الله تعالى، كقوله:

الذي أحسن كل شيء خلقه

[السجدة: 7]، والإساءة من صفات الإنسان فإن النفس الأمارة بالسوء، فالعبد لا يصدر منه الإحسان إلا أن يكون متخلقا بأخلاق الله تعالى فانيا عن أخلاق نفسه، كما قال تعالى:

مآ أصابك من حسنة فمن الله ومآ أصابك من سيئة فمن نفسك

[النساء: 79]، وفيه إشارة أخرى؛ وهي: إن لشرط العبودية الإقبال إلى الله تعالى بالكلية والإعراض عما سواه، حتى يخرج عن عهدة العبودية بالوصول إلى حضرة الربوبية، فتفنى عنك به وتتقرب به للوالدين، وغيرهما محسنا بإحسانه لا بشرك ورياء، فإن الشرك والرياء هاء النفس، فإذا فنيت النفس فنيت أوصافها، ولهذا قال تعالى عقيب الآية: { إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا } [النساء: 36]؛ لأن الاختيال والفخر من أوصاف النفس، والله تعالى لا يحب النفس ولا أوصافها؛ لأن النفس لا تحتسب الدنيا ولا المحبة من أوصافها، فإن النفس تحب الدنيا وتبخل بها وتأمر بالبخل.

Page inconnue