412

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

أحدهما: أن تكون التوبة عقيب المعصية فيقبلها الله فيمحوها بها، كما قيل في قوله تعالى:

إن الحسنات يذهبن السيئات

[هود: 114] والحسنات: هي التوبة عقبيها في قوله صلى الله عليه وسلم:

" اتبع السيئة الحسنة تمحها الحسنة "

؛ هي التوبة، والمعنى الثاني: من قريب؛ أي: قبل أن يموت القلب بالإصرار، فإن الله لا يقبل التوبة من قلب ميت؛ لأنها تكون باللسان اضطرارية، وبالقلب اختيارية، { فأولئك يتوب الله عليهم } [النساء: 17]؛ يعني: هذا الذي أوجب الله تعالى بفضله على ذمة كرمه قبل خلقهم أن يوفقهم للتوبة، { وكان الله } [النساء: 17] في ذلك التقدير ، { عليما } [النساء: 17] بمن يتوب عقيب المعصية، { حكيما } [النساء: 17]، فيما قدر ودبر من الأمور.

{ وليست التوبة } [النساء: 18]؛ يعني: المقبولة { للذين يعملون السيئات } [النساء: 18] المصرين عليها من الظلومية، { حتى إذا حضر أحدهم الموت } [النساء: 18]؛ يعني: موت القلب بالإصرار، { قال إني تبت الآن } [النساء: 18]، باللسان اضطرارا، أو يتوب بترك عمل السوء تكلفا، ولا يرجع قلبه إلى الله تعالى، فإن أصل التوبة الرجوع بالكلية إلى الله تعالى ظاهرا وباطنا، { ولا الذين يموتون وهم كفار } [النساء: 18]؛ يعني: ولا يقبل توبة من يموت وقلبه ميت بالكفر، { أولئك أعتدنا لهم } [النساء: 18]؛ أي: قدر قبل خلقهم { عذابا أليما } [النساء: 18]؛ أي: عذاب الكفر في الدنيا وهو مؤلم في الآخرة.

ثم أخبر عن أهل الإيمان، ونهاهم عن عقل النسوان بقوله تعالى: { يأيها الذين ءامنوا لا يحل لكم أن ترثوا النسآء كرها } [النساء: 19]، إشارة في الآيات: إن الله تعالى أرشد بقوله: { يأيها الذين ءامنوا لا يحل لكم أن ترثوا النسآء كرها } [النساء: 19]، إلى أن هذه المعاملات من عضل النسوان، ومنعهن من الزواج طمعا في ميراثهن، أو إضرارهن ليفتدين منكم، { ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض مآ ءاتيتموهن } [النساء: 19]؛ لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن من المهور، أو تأخذون ما أعطيتموهن من المهر ولو كان قنطارا، { إلا أن يأتين بفحشة مبينة } [النساء: 19].

ثم أرشدهم إلى سبيل المؤمنين وأخلاق الموحدين بقوله تعالى: { وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا } [النساء: 19]، وتصبروا عليه لله تعالى: { ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } [النساء: 19] في الدنيا والآخرة، فإن الخير الكثير ما يكون باقيا ولا يكون الفاني إلا قليلا.

[4.20-21]

{ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا } [النساء: 20]، { وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثقا غليظا } [النساء: 21] في رعاية حقوقهن، هذه كلها وأمثالها ليست من إمارة الإيمان ونتائجه وثمراته؛ لأن المؤمن أخو المؤمن لا يظلمه ولا يشتمه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

Page inconnue