261

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

قال إني أعلم ما لا تعلمون

[البقرة: 30]، ثم اصطفى آدم عليه السلام على الملائكة بالعلم والجسم، وقال تعالى:

وعلم ءادم الأسمآء كلها

[البقرة: 31]، وقال تعالى:

إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين

[ص: 71-72]، وكذلك اصطفى طالوت على بني إسرائيل، قال: { إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشآء } [البقرة: 247]، أعطى ملك بني إسرائيل لطالوت كما أعطى ملك الخلافة لآدم وإنما حرم بنو إسرائيل عن الملك؛ لأنهم كانوا معجبين بأنفسهم متكبرين على طالوت ناظرين إليه بنظر الحقارة ومن عجبهم قالوا: { نحن أحق بالملك منه } [البقرة: 247]، ومن تكبرهم عليه قالوا: { أنى يكون له الملك علينا } [البقرة: 247] ومن تحقيرهم إياه قالوا: { ولم يؤت سعة من المال } [البقرة: 247] فلما تكبروا وضعهم الله تعالى وحرموا من الملك ولما عرض صمويل على طالوت تواضع لله تعالى، وقال: كيف أستحق الملك وسبطي أدنى أسباط بني إسرائيل، وبيتي أدنى بيوت بني إسرائيل؟ فرفعه الله تعالى وأعطاه الملك وقال: { والله يؤتي ملكه من يشآء } كذلك الملائكة إنما حرموا من الخلافة لأنهم كانوا محتجبين بحجب الأنانية والتحتية متفوقين على آدم ناظرين إليه بالحقارة حتى قالوا:

ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك

[البقرة: 30]، وقد أضمروا في هذا القول: ونحن أحق بالخلاف منه وإن لم يظهروا فتفوقوا عليه في حضرته وقالوا:

قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء

[البقرة: 30]، فلما تفوقوا عليه وترفعوا أمرهم بسجوده، ولما جاء جبريل عليه السلام ليقبضه من أديم الأرض وقال له: أحب ربك، فقال: إيش يريد مني؟ عرض عليه الخلافة وقال: يريد أن يجعلك خليفة فتواضع لله تعالى وقال: ما للتراب ورب الأرباب وأقسم على جبريل برب العزة ألا يقبضه وأن يستعفي له من الحضرة، فالله تعالى أكرمه بسجود الملائكة وحمل أعباء الأمانة وأعطاه ملك الخلافة ورفعه على أكناف الملائكة إلى دار المقامة والكرامة وقال: { والله واسع عليم } [البقرة: 247]؛ أي: واسع الرحمة حتى رحمته وسعت كل شيء، ولكنه عليم بمستحقي خلافته وملكه.

Page inconnue