243

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه "

ما قال: أو يسلمانه؛ فلمعنيين: أحدهما: أن الكفر يحصل بالتقليد ولكن الإيمان الحقيقي لا يحصل بالتقليد.

والثاني: أن الأبوين الأصليين الأنجم والعناصر، فعلى التقديرين الولد بتربية الآباء والأمهات يضل عن سبيل الله ويزل قدمه عن الصراط المستقيم؛ التوحيد والمعرفة، ولو كان نبيا فإنه يحتاج إلى هاد يهديه إلى الحق كما قال تعالى لنبينا: صلى الله عليه وسلم

ووجدك ضآلا فهدى

[الضحى: 7] { فبعث الله النبيين } [البقرة: 213]، للهداية { مبشرين } [البقرة: 213]، مجيبي الدعوة إلى الله بالنجاة، ونيل الدرجات في مقام القربة والوصلة { ومنذرين } [البقرة: 213]، مخالفي الدعوة من الويل والهلاك في الدركات بالفرقة والقطيعة { وأنزل معهم الكتب بالحق } [البقرة: 213]، إشارة إلى كتاب الله الذي جف القلم لكل واحد بالسعادة أو الشقاوة، كما قال صلى الله عليه وسلم:

" ما منكم من أحد وما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة، قال رجل: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى أهل السعادة، ومن كان منا من أهل الشقاء فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة، قال: أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاء "

تلا هذه الآية:

فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى

[الليل: 5-7]، { ليحكم بين الناس } [البقرة: 213]؛ أي: هذا الكتاب { فيما اختلفوا } [البقرة: 213]، أهل السعادة { فيه } [البقرة: 213]؛ في طلب ما كتب لهم واختلف أهل الشقاوة فيما كتب لهم، وكل ميسر لما خلق له بحكم الكتاب { وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه } [البقرة: 213]؛ يعني: وما اختلف كل فريق من الفريقين في طلب السعادة والشقاوة إلا وقد أوتوا السعادة أو الشقاوة في حكم الله وقضائه، ولكنه ما حصلت السعادة والشقاوة للفريقين إلا { من بعد ما جآءتهم البينت } [البقرة: 213]؛ يعني: بالبينات معاملات أهل السعادة، وأهل الشقاوة فإنها تبين السعيد من الشقي والشقي من السعيد؛ فأما الشقي يسعى في ضلالته التي أورثها الآباء والأمهات وردته في ذيل أسفل الطبيعة الإنسانية، فيعامل الله والخلق بالشرك والظلم والفجور والحسد، كما قال تعالى: { بغيا بينهم } [البقرة: 213]، فيستحق بذلك دركات الشقاوة، وأما السعيد فبجذبات العناية يتمسك بحبل الهداية، ويرقى بقدم صدق الطلب قوة الإيمان، وسعي الأعمال الصالحة من حضيض البشرية إلى ذروة العبودية ودرجات مقامات القربة والوصلة، كما قال تعالى: { فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق } [البقرة: 213]؛ أي: إلى ما اختلف فيه كل فريق من أهل السعادة والشقاوة في البداية من الوصول إلى الحق سبحانه فأهل العناية وصلوا إليه بهدايته { بإذنه والله يهدي من يشآء إلى صرط مستقيم } [البقرة: 213]؛ أي: إلى الله كما قال تعالى:

ويهدي إليه من أناب

Page inconnue